الأمر الأول: هو أن يكون الراوي عنه مدنيا أو يكون الراوي عنه بالنسبة لمعمر بن راشد يمني لأن حديثه في اليمن كما تقدم مستقيم أو بالنسبة لهشام بن عروة حديث المدنيين عنه مستقيم
أو يقول التلميذ: حدثنا فلان عن فلان بالمدينة أو حدثنا في كذا وكذا. فيعرف بهذين الأمرين.
إما أن يقول سمعنا من فلان بالبصرة أو سمعنا من فلان في المدينة أو في مكة فيعرف أن هذا التلميذ لم يأت إلى هذه البلد فإذن يكون سمع من هذا الشيخ في غير هذا البلد وإنما سمع منه في بلد أخرى فيعرف بأحد هذين الأمرين.
"وقال يعقوب بن شيبة" يعقوب بن شيبة السدوسي من كبار الحفاظ ومن المعروفين بالعلم بالصناعة الحديثية وله "المسند المعلل" وهو كتاب نفيس كبير جدا ولكن أغلب هذا المسند ضاع وإنما وجد قطعة صغيرة من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الذي وجد. وطريقته رحمه الله يذكر حديث أبي بكر رضي الله عنه ويسوق أحاديثه وإذا كان هناك واحد مكثر عنه يرتب الرواة عنه أيضا وهكذا ويتكلم على كل حديث ويتكلم أحيانا على الرواة وأحيانا يترجم لبعض الرواة ضمن سوقه لأحاديث هذا الصحابي كما ترجم للأوزاعي في القطعة المطبوعة التي وجدت من مسند عمر بن الخطاب ترجم للأوزاعي تقريبا ثمان صفحات من المطبوع توسّع في ترجمته فهو كتاب نفيس جدا ولكن أغلبه فُقِد. وأقوال يعقوب بن شيبة فيها تفصيل في الحكم على الرجال له أقوال مهمة في الصناعة الحديثية وقد سأل علي بن المديني و يحيى بن معين عن التدليس سؤالا دقيقا ومهما ومفيدا وكلامه مفيد وينبغي أن يُعتنى به.
"قال يعقوب بن شيبة: هشام مع تثبته ربما جاء عنه بعض الاختلاف" يعني يقول: هشام مع كونه من الثقات الحفاظ الأثبات لكن أحيانا يأتي عنه بعض الاختلاف يضطرب والاختلاف يدل على عدم الضبط وذلك فيما حدث بالعراق خاصة دون ماحدث بالمدينة فهو الذي وقع فيه الاختلاف كما ذكر قبل قليل.
قال:" ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما يفحش " هكذا عندكم لعله يقصد هنا والله أعلم أن هذا الاختلاف لا يكون اختلافا +فاحشا يعني اختلافا شديدا وإنما اختلاف يسير لأنه كما تقدم قبل قليل هشام بن عروة حتى فيما حدثه به في العراق أيضا الغالب عليه الصحة لكن هناك أحاديث قليلة وقع فيها ما وقع.
قال:" يسند الحديث أحيانا ويرسله أحيانا لا أنه يقلب إسناده "
لاشك أن قلب الإسناد أشد من إرسال الخبر أو وصله – أحيانا – فالقلب أشد. أيضا حتى الخطأ وهذه قضية مهمة أعني الرواة أيضا ينقسمون إلى ثلاثة أقسام من حيث الخطأ الموجود عندهم:
إما أن يكون الخطأ في تصحيف بعض الكلمات التي لا تؤثر فمثل هذا الخطأ يسير ولا يكاد يخلو منه أحد من الرواة فهذا قسم وقد نبّه على هذا الإمام مسلم في كتابه التمييز أعني مثل شعبة بن الحجاج أحيانا يكون خطؤه من جهة الرواة في تسميتهم فقط هذا الخطأ ليس في الإسناد وليس في المتن فهذا ليس مثل غيره فيكون أحيانا الخطأ في تصحيف اسم راو أو في كلمة أي تكون شيئا يسيرا فهذا لا يؤثر كثيرا.
والقسم الثاني: أن يكون هذا الخطأ في الوهم في بعض الأحاديث ويكون هذا الوهم ليس وهما شديدا أعني كما تقدم مثلا في وصل خبر أو إرساله أو مثلا في إسقاط راو أحيانا فهذا قسم.
والقسم الثالث: في خطأ شديد أشد من القسم الذي قبله فمثلا يقلب الحديث؛ أثرٌ يجعله حديثا مرفوعا أو متن يقلبه فيدخل متنا في متن أو إسناد يغيّره كله فيدخل إسنادا في إسناد فهذا الخطأ شنيع وهذا الخطأ الشنيع يكون له مدخل في الحكم على الراوي ثم أيضا إن هذه الأقسام الثلاثة هي الرواة بالنسبة لها على قسمين:
إما أن يكون أحيانا؛ شيء نادر قليل فيكون هذا الراوي الأصل في حديثه الاستقامة.
وإما أن يكون مكثرا
فمن أكثر من الخطأ في القسم الثالث فيكون متروكا
وأما القسم الثاني فيكون يكتب حديثه ولا يحتج به لكن إن وجد ما يشهد له فيقبل
والقسم الثالث (الأول) يقبل حديثه لأنه وإن كان يكررها لكنه في تصحيف كلمة أو في اسم مثل شعبة بن الحجاج على جلالته وحفظه يقع منه أحيانا تصحيف في اسم الراوي ومع ذلك ما أثّر فيه هو من كبار الحفاظ ومن كبار الأئمة فينبغي الانتباه أيضا لهذا.
فيعقوب بن شيبة نبّه على هذه القضية هنا في هذا النص وأن خطأ هشام ليس بالفاحش.
¥