ذكرت بالأمس أن القراءة في أبواب الترمذي المقصود منها هو الناحية العملية التطبيقية. وكما ذكرت أن الناحية العملية تقرّب الأمر وأنه لابد من الجمع بين الناحية العملية والنظرية والعملية أكثر فعندما يُرجع إلى كتب الأئمة ويُقرأ فيها أو كتب التخاريج فينبغي للشخص أن ينظر كيف يتكلم الحفاظ على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا حتى يسلك الإنسان طريقتهم ويعرف منهجهم فهذا هو المقصود.

قال أبو عيسى رحمه الله:" حدثنا سفيان بن وكيع "

وسفيان بن وكيع هو ابن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو محمد ولد وكيع بن الجراح وهو من الطبقة العاشرة وتوفي بعد 240 وخرج الترمذي لسفيان بن وكيع في نحو خمسين موضعا من كتابه. وسفيان بن وكيع لا يحتج به والسبب في هذا أنه كان له ورّاق يورّق له فكان يُدخل في حديثه ما ليس منه فنُصح سفيان بن وكيع ولم يقبل هذه النصيحة فلذلك سقط حديثه وتكلم فيه الحفاظ من أبي حاتم وغيره ولكن الترمذي رحمه الله – فأنا تتبعت أكثر هذه الأحاديث – وجدتها إما تكون مروية من طرق أخرى عند الترمذي أو عند غيره أو تكون العلة ليست منه وهذا يدل على مكانة الترمذي في الصناعة الحديثية رحمة الله عليه فسفيان بن وكيع لا يحتج به لكن هذا الحديث كما سوف يأتي

قال:" حدثنا محمد بن فضيل "

و محمد بن فضيل ثقة وله بعض الأوهام وتوفي عام 195 وقد خرج له الجماعة

عن أبي سفيان طريف بن شهاب وقيل بن سعد السعدي وهو من السادسة وطريف السعدي

أبو سفيان ضعيف وشبه المتروك

عن أبي نضرة وهوه المنذر بن مالك بن قطعة العوفي البصري وأبو نضرة ثقة من الطبقة الثالثة وتوفي في عام 108 وقد خرج له مسلم وأصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله e " مفتاح الصلاة الطهور".

هذا الحديث بهذا الإسناد لا يصح وفيه أكثر من علة:

· فيه سفيان بن وكيع وإن كان الترمذي قد انتقى حديثه

· وفيه أبو سفيان طريف السعدي شبه متروك

ولكن هذا الحديث قد رواه الترمذي كما ذكر هذا أنه جاء من طريق علي بن أبي طالب وقد ذكره الترمذي في أول كتابه فروى حديث علي بن أبي طالب من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن منذر الثوري عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهذا الإسناد إسناد صالح فيه عبدالله بن محمد بن عقيل وفيه ضعف ولكن هناك من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل أحاديث كثيرة صحيحة و عبدالله بن محمد بن عقيل من الرواة الذين يقال عنهم أن كل حديث يحكم عليه على حسب ما يليق بحاله لأن هناك رواة لهم أحاديث صحيحة ولمه أحاديث ضعيفة وهناك رواة الغالب عليهم استقامة حديثهم فالأصل قبول حديثهم وهناك رواة الغالب عليهم الخطأ فيكون الأصل ردّ حديثهم. وابن عقيل من هذه الطبقة - والتقسيم والتفصيل من طريقة من تقدم من الحفاظ من الأئمة السابقين – فهذا من الأحاديث القوية من حديث ابن عقيل. طبعا ابن عقيل له أحاديث منكرة

من هذه الأحاديث المنكرة أن الرسول e كُفِّنَ في سبعة أثواب. هذا منكر والصواب ما جاء في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة أن الرسول e كفن في ثلاثة أثواب ليس سبعة فهذا مما أُنكر على ابن عقيل

وأيضا روى من طريق الربيِّع بنت معوِّذ أن الرسول e مسح على رأسه مرتين وهذا يخالف ما جاء في حديث عمران عن عثمان وحديث عبدالله بن زيد وحديث علي وغيرها أن الرسول e مسح مرة واحدة فأخطأ ابن عقيل في ذلك

وله أحاديث أخرى كما تقدم أنها ثابتة ومنها هذا الحديث والدليل على ثبوته أن له شواهد

ومن هذه الشواهد ما تقدم في حديث أبي سعيد الخدري

ومن الشواهد ما جاء في حديث جابر رواية أبي يحيى القتّات عن مجاهد عن جابر

وأيضا جاء موقوفا نحو هذا الخبر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه

فهذه الأحاديث تشهد لحديث علي فحديث علي لا بأس بإسناده. وأفاد أبو عيسى أن هذا الحديث ليس بصحيح كما بيّن علته وقال إن حديث علي أجود إسنادا وأصح.

ومن فوائد كتاب جامع الترمذي أن أبا عيسى يبين كل حديث يتكلم عليه فتكلم على حديث فيتكلم عليه من الناحية الإسنادية ثم يتكلم عليه من حيث الفقه وما يستفاد منه فذكر في مسألة الدخول إلى الصلاة لا يكون إلا بالتكبير وهذه مسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم. خلاصة أقوالهم:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015