وفي الحقيقة إن علم الصناعة الحديثية والجرح والتعديل والشذوذ والعلة إنما هي مبنية على أمور منها هذا الأمر المهم وأن طالب العلم ينبغي أن لا يبتدئ من شيوخ البخاري، من شيوخ الإمام أحمد، وشيوخ أبي داود، أو مثلا شيوخ أبي داود، أو مثلا فوق هؤلاء شيوخ الطبراني أو الدارقطني أو البيهقي. لا. وإنما يبدأ بالصحابة وتلاميذ الصحابة وتلاميذ تلاميذ الصحابة وهكذا. فهؤلاء هم الذين تدور عليهم الأحاديث فلذلك الحافظ ابن رجب ذكر هؤلاء وذكر عبدالله بن عمرو وأنتم تعلمون أن عبدالله بن عمرو من المكثرين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو من الثلاثة بعد أبي هريرة؛
فأبو هريرة روى أكثر من خمسة آلاف حديث
وبعده ثلاثة أنس وابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم
ثم بعد ذلك أبو سعيد وجابر بن عبدالله وابن عباس
فهؤلاء هم أكثر من روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم فبدأ بأصحاب عبدالله بن عمر ثم ذكر أن لعبدالله بن عمر ذكر له أصحاب واختار منهم اثنين الذين هم أكثر أشهر من روى عن ابن عمر وهما سالم بن عبدالله بن عمر ونافع مولى عبدالله بن عبدالله بن عمر والحافظ ابن رجب يذكر أمثلة حتى أن طالب العلم يسير على هذه القواعد وهذه المناهج ولا يستقصي الحافظ ابن رجب وإنما ذكر أمثلة وذكر تقعيدات وعلى طالب العلم بالحديث أن يستوفي ما كان مثل هذه القواعد والتقعيدات والأمثلة ونحن بمشيئة الله في هذا الدرس سنمر على هذه الأشياء باختصار سنذكر بمشيئة الله الخلاصة وأهم شيء عندنا – لا يكن هم الواحد منا أن يعرف النتيجة، لا – وإنما لماذا ذكر ابن رجب هذه الأمثلة. كما ذكرت أن طالب العلم حتى يكون له مقدمة في الرجال يبدأ بالمشاهير الصحابة ثم مشاهير تلاميذ الصحابة ثم مشاهير تلاميذ هؤلاء التلاميذ وبالتالي بعد ذلك يكون قد أحاط بمجموعة كبيرة من الحديث ويكون أيضا عرف الأحاديث الصحيحة من الأحاديث المعلولة والأحاديث المحفوظة من الأحاديث السقيمة. فأقول هذا هو فائدة ذلك فينبغي الانتباه لهذا الشيء.
فإذن عندنا الرواة على قسمين:
· قسم مكثرين جدا من الرواية
· وقسم مقلين، وهذا يشمل الصحابة ويشمل من أتى من بعد الصحابة
وكما تقدم أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم منهم المكثر ومنهم من هو المقل ومنهم من ليس له رواية هناك كثير من الصحابة ليس لهم رواية فعندما يعرف المكثر يهتم بالمكثر من حيث الصناعة الحديثية – وإلا فلا شك ينبغي معرفة الصحابة ومكانتهم وسيرتهم لكن نحن نتحدث الآن عما يتعلق بالصناعة الحديثية – ثم كذلك أيضا غير الصحابة كما ذكرنا من روى عن الصحابة وهلم جرا منهم من هو المكثر ومنهم من هو المقل فالمكثر نتعرف عليه ثم على تلاميذه ثم إذا تعرفنا على تلاميذه وتلاميذ تلاميذه نكون قد أحطنا بمجموعة كبيرة من الأحاديث والطرق وكثيرا ما يدور علم العلل على هذا الشيء فهذه فائدة ذكر ابن رجب لهذا القسم في كتابه شرح العلل.
فهنا اختار عبدالله بن عمر كما تقدم وهو مكثر والرواة عن عبدالله بن عمر كثر لكن تجد أن هناك اثنين مكثرين عنه جدا وأغلب حديث ابن عمر يأتي من طريق هذين الاثنين ثم إن أيضا سالم ونافع. نافع روى أكثر بكثير من سالم فتعرف أصحاب سالم وأصحاب نافع وإذا عُرِفوا مئات الأحاديث نكون قد عرفناها. فهذا هو فائدة ذلك وبالتالي فإن هذا الأمر يقرب لك البعيد ويختصر لك الكثير بالقليل.
عندما ذكر سالما ونافعا ذكر أنهما اختلفا في أحاديث – طبعا سالم ونافع اتفقا في أحاديث وهذا هو الأصل و اختلفا في أحاديث – ذكر أن أهل العم في الأحاديث التي اختلفا فيها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
· قسم رجح سالما قال سالم أفقه من نافع وهو ابن لعبدالله بن عمر وأجلّ فيُقدّم.
· وقسم قدّم نافعا قال لأن نافعا كثر جدا عن عبدالله بن عمر وهو قد روى أكثر من سالم بكثير لذلك قدم نافعا، وهذا ما مال إليه الإمام أحمد.
· وقسم قال: من أتى بزيادة علم هو المقدم وهذا أيضا أحد أقوال الإمام أحمد وهذا هو الأرجح وهذا أيضا جاء عن يحيى بن معين. لماذا هذا هو الأرجح؟ لأن كلا من سالم ونافع هم أئمة أجلاء فضلاء وفي هذه الحالة من يكون عنده زيادة علم فهو المقدم. لكن لو كان أحدهما أوثق من الآخر وأضبط وأحفظ، فنقدم من؟ نقدم الأحفظ. هذا الأمر على قسمين:
¥