وله طرق كثيرة متعددة يقوي بعضها بعضا، فهذا الحديث حسن لذاته لأنه ليس في طرقه ما يقرب للصحة، لأن في كل منها مقال، وإنما هو حسنا بمجموع طرقه.
وبهذا نكون قد عرفنا الحديث الصحيح بنوعيه والحسن بنوعيه وعرفنا ان كل هذه الأنواع من الأحاديث صحيحة مقبولة من حيث الاحتجاج بها في جميع المسائل سوى المسائل الفقهية أو العقائدية.
(الرجا) الرجاء نقيض اليأس وهو الأمل.
قال الشاعر:
إذا رجوت المستحيل فإنَّما ... تبني الرجاء على شفير هار
العيش نوم والمنيَّة يقظة ... والمرء بينهما خيال ساري
فاقضوا مآربكم عِجالاً إنَّما ... أعماركم سَفَر من الأَسفار
وقال أخر:
لَيْسَ من ماتَ فاسْتراحَ بِمَيْت ... إِنّما المَيْتُ ميِّتُ الأَحْيَاءِ
إِنَّما المَيْتُ من يَعِيشُ شَقِيّاً ... كاسِفاً بالُه قليلَ الرَّجاءِ
(معضل) الأمر المعضل هو الذي يغلب الناس أن يقوموا به، والداء العضال، إذا أعيى الأطباء، فلم يقوموا به، والمُعْضِلات الشدائد.
قال الشاعر:
إنّي إذا مُرُّ زمانٍ مُعْضِلِ ... يُهْزِلْ ومَنْ يُهْزِلْ ومَنْ لا يُهْزلِ
اما في مصطلح الحديث فالحديث المعضل هو ما سقط من وسط إسناده اثنان فأكثر على التوالي، وهو بهذا التعريف يكون من أقسام الحديث الضعيف فقد سبق وان عرفنا ان من شروط الحديث الصحيح اتصال السند وهذا النوع من الحديث اخل بهذا الشرط بل هو من اشد أنواع الأحاديث المردودة بسبب سقط من الإسناد ضعفا، فكما هو معلوم ان السقط من الإسناد ينتج عنه المعلق و المعضل و المنقطع و المرسل، إذا كان الإسقاط ظاهرا و المدلس و المرسل الخفي اذا كان الإسقاط خفيا، فالحديث المعضل من أسوأ أنواعه لكثرة المحذوفين من الإسناد مع عدم علمنا بحال ذلك الراوي.
ومثاله ما رواه الأعمش عن الشعبي قال (يقال للرجل يوم القيامة عملت كذا وكذا فيقول ما عملته فيختم على فيه)، الحديث أعضله الأعمش، وقد وصله فضيل بن عمرو، عن الشعبي، عن أنس رضي الله عنه (كنا عند النبي صلي الله عليه وسلم) فذكر الحديث.
(حزني) الحزن خلاف السرور، والمُحْتَزِنُ البَكِيُّ الحَزِيْنُ.
(دمعي) الدّمْع ماء العين، والدَّمْعَة القطرة، والمَدْمَعُ مجتمع الدّمع في نواحيها.
قال الشاعر:
عجبتُ من دَمْعَي وعيني ... من قبل بَيْنٍ وبعدِ بَيْنِ
قد كان عيني بغير دمع ... فصار دمعي بغير عين
وقال أخر:
أوّاهُ من دمع بلا عينٍ ... يجري عل الخدين من عيني
(مرسَلٌ) المرسل من أرسل الكلام وأطلقه من غير تقييد فهو خلاف المسند، والمُراسِلُ المرأةُ الكثيرَةُ الشَّعَرِ إلى ساقَيْها.
اما في مصطلح الحديث فالحديث الْمُرْسَلِ هو ما سقط من آخر إسناده من بعد التابعي مثل أن يقول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا، وهو ضعيف مردود لفقد شرط من شروط القبول وهو اتصال السند وذلك لجهالة الراوي المحذوف لاحتمال أن يكون المحذوف غير الصحابي، أما إذا عرف أن المحذوف صحابي فلا يعتبر الحديث ضعيفا لان الصحابة كلهم عدول ثقات، ولكن لاحتمال ان هذا التابعي اخذ الحديث عن تابع أخر أو أكثر من تابعي ولا نعرف حال هذا التابعي حكم على هذا الحديث بالضعف.
وهناك نوع أخر من المرسل وهو مرسل الصحابي وهو ما أخبر به الصحابي عن قول أو فعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعه أو يشاهده إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيابه، مثاله قول عائشة رضي الله عنها: " أول ما بُدِيء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة"؛ فعائشة رضي الله عنها لم تدرك القصة غير ان هذا النوع من المراسيل مقبول.
وبهذا نكون قد تعرفنا على نوعين من الأحاديث الضعيفة وهما الحديث المعضل والحديث المرسل وكلا من النوعين مردود بسبب فقده احد شروط الصحة وهو شرط اتصال السند.
(المسلسلُ) المتّصلٌ بعضُه ببعض، ومنه سِلْسِلَةُ الحديد.
قال الشاعر:
فالخَدُّ بانَ الوَرْدُ فيهِ مُحقّقاً ... والصُّدْغُ فيهِ مُسلسلٌ رَيحانُهُ
وقال أخر:
هَبْ أن خدك قد أصيب بعارض ... ما بال صدغك راح وهو مسَلسَلُ
اما في مصطلح الحديث فالحديث المسلسل هو الحديث الذي تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة للرواة تارة و للرواية تارة أخرى.
¥