(3) قد يعرض الإمام البخاري عن الاحتجاج براوٍ لكونه قليل الحديث وإن كان ثقة، فلا يخرّج له في أصول الجامع الصحيح، ولكنه يصحح حديثه خارج الجامع؛ مما يدل على أن درجة رجال الجامع الصحيح أعلى من درجة من صحح لهم البخاري ولم يحتج بهم في الجامع الصحيح، وإن اشتركا في الثقة، وبناءً عليه فالأحاديث التي خرجها البخاري في الجامع الصحيح أقوى مما صححه خارجه.

(4) الحديث الصحيح عند البخاري هو الحديث المقبول الصالح للاحتجاج به سواء كان في أعلى درجات الصحة أم في أدناها، فهو يشمل (الصحيح لذاته، والصحيح لغيره، والحسن لذاته، والحسن لغيره)، وبذلك يتبيّن الفرق بين هذا الاصطلاح وبين ما استقر عليه الاصطلاح بعد عصر الرواية.

(5) أسلوب تصحيح الحديث بشواهده ظاهر بشدة في كثير من الأحاديث التي صححها البخاري خارج الصحيح.

(6) صحح البخاري أحاديث فيها رواة قد احتج بهم في الجامع الصحيح، ولكن ليس بهذه الكيفية ولا على هذا النسق من صورة الاجتماع، ولم أجد من طعن في هذه الصورة من الرواية بحق هؤلاء الرواة؛ مما يدل على أن الاهتمام بمراعاة صورة الاجتماع في رواة البخاري خاص فيما إذا تُكُلّم في الراوي إذا حدّث عن غير ذلك الشيخ.

(7) يعتني الإمام البخاري عند الاستدلال بحديث ما في كتبه الأخرى بأسانيد ومتون جديدة ليست مخرّجة عنده في الجامع، وإن كانت أقل قوة، مثل حديث أنس في الاستسقاء، وغيره.

(8) تبيّن أن البخاري له منهجان في تصحيح الأحاديث:

المنهج الأول: قائم على شدة التحرّي في انتقاء الرجال، واختيار الأحاديث الخالية من العلل، وقد سلكه في أحاديث الجامع الصحيح.

المنهج الثاني: سلكه في التصحيح خارج الجامع الصحيح، وهو أقل تحرّياً في انتقاء الرجال، وهو يقوم على التصحيح بالشواهد، ويتسم بتوثيق رجال ضعّفهم عدد من النقّاد، ويتجلى هذا في كثير من الأحاديث، وخاصة حديث التكبير في العيدين من رواية كثير والطائفي.

وهذا المنهج الذي سلكه البخاري خارج الجامع الصحيح يشبه إلى حد بعيد منهج الترمذي في السنن، فلا يبعد أن يكون الترمذي قد أخذه عن شيخه البخاري.

(9) إذا لم يخرّج البخاري حديثاً في باب معين، فلا يعني ذلك أن جميع الأحاديث الواردة في هذا الباب ضعيفة عنده، وإنما أقصى ما يمكن أن يقال إنه لم يصح منها حديث على شرط كتاب الجامع الصحيح، وقد يكون بعضها صحيحاً في نقد البخاري كما هو الحال في مجموعة كبيرة من أحاديث هذه الدراسة.

ب - التوصيات:

1. كنت قد جمعت الأحاديث التي حسّنها البخاري، لدراستها، والخروج بمفهوم الحديث الحسن عنده، لكن سعة المادة العلمية وضيق الوقت حالا دون ذلك؛ فحبذا لو تصدّى بعض أهل العلم لذلك؛ كي يتبيّن مدى الاتفاق والاختلاف بين مصطلحات عصر الرواية، وما استقر عليه المصطلح بعد ذلك.

2. حبذا لو جمعت الأحاديث التي صححها أئمة النقد في عصر الرواية كأبي حاتم وأبي زُرعة، وغيرهما؛ للوقوف على مناهجهم في تصحيح الأحاديث، ومقارنة ذلك بما استقر بعد عصرهم.

ـ[عبدالرحمن جلال]ــــــــ[14 - 06 - 10, 02:57 ص]ـ

جزاك الله خير يا شيخنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015