ومن الجدير بالذكر أن قولهم '' فلان ضعيف '' معناه كثير الخطأ، وعليه فما تفرد به عن شيخه لا يحتج به إذا لم تحف بحديثه قرينة تدل على صوابه، وذلك لغلبة احتمال الخطأ عليه، وليس معنى هذا أن كل ما يرويه هو يعد ضعيفا، وأنه قد أخطأ فيه، فمن أحاديثه ما يصح ومنها ما يضعف، ولا يمكن تمييز ذلك إلا بالبحث والموازنة في ضوء القرائن، وأنت ترى في الصحيحين أحاديث صحيحة من رواية الضعفاء، وقد أوردها كل من الشيخين من أجل الاحتجاج بها، مثل حديث فليح بن سليمان، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي وغيرهما عند البخاري وحديث سويد بن سعيد، وحماد بن سلمة وغيرهما عند مسلم.

وينبغي أن نفهم من هذا الصنيع أن مقصد البخاري ومسلم ذكر الأحاديث الصحيحة من طريق الثقات، لكن قد يخرج كل منهما عن هذا المقصد فيرويان الحديث الصحيح عن طريق اسناد فيه ضعيف، وذلك لأغراض علمية يحددها منهجهما المتبع في سياق تلك الأنواع من الأحاديث في الصحيحين، وليس معنى ذلك أن جميع ما يرويه ذلك الضعيف من الأحاديث محتج به، وأنه خال من الخطأ، كما أنه لا ينبغي أن نفهم من ذلك سوى أن الراوي قد تجاوز قنطرة العدالة الدينية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015