ـ[ماهر]ــــــــ[29 - 10 - 02, 09:33 ص]ـ
الاختلاف القادح والاختلاف غَيْر القادح
مِمَّا لا شك فِيْهِ أن الاختلاف غَيْر القادح لا عبرة بِهِ ولا أثر لَهُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ، ونحن حينما عنينا بدراسة هَذِهِ الاختلافات في الأسانيد والمتون إنما قصدنا القادح مِنْهَا. واختلاف الرُّوَاة في أمر لا تناقض فِيْهِ لا يضر؛ لأنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد.
إِذْ قَدْ يَكُوْن الاختلاف بَيْنَ طريقين أحدهما قوي والآخر ضعيف فمثل هَذَا الاختلاف لا يقدح؛ لأن الرِّوَايَة الصحيحة لا تقدح بِهَا الرِّوَايَة الضعيفة ولا تؤثر. وكذلك قَدْ يَكُوْن هناك اختلاف في الظاهر لَكِنْ يمكن الجمع بينهما؛ بحيث يمكن أن يَكُوْن المتكلم معبراً باللفظين الواردين عن معنى واحد، فلا إشكال أَيْضاً. مثل: أن يَكُوْن في أحد الوجهين قَدْ قَالَ الرَّاوِي: ((عن رجل))، وفي الوجه الآخر سمى هَذَا الرجل.
ويمكن أن يَكُوْن ذَلِكَ المسمى هُوَ ذَلِكَ المبهم، فلا تعارض. أما إذا سمى الرَّاوِي باسم معين في رِوَايَة، ويسميه باسم آخر في رِوَايَة أخرى فهذا محل توقف ونظر، إِذْ يتعارض فِيْهِ أمران:
أحدهما: أنه يجوز أن يَكُوْن الْحَدِيْث عن الرجلين معاً.
والثاني: أن يغلب عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد اختلف فِيْهِ. فهاهنا لا يخلو أن يَكُوْن الرجلان معاً ثقتين أو لا.
فإن كانا ثقتين فعلى رأي جَمَاعَة لا يضر هَذَا الاختلاف؛ لأنَّهُ إن كَانَ الْحَدِيْث عن هَذَا المعين فَهُوَ عدل، وإن كَانَ عن الآخر فَهُوَ عدل، فكيف انقلب الْحَدِيْث فإلى عدل فَلاَ يضر هَذَا الاختلاف. بَيْنَمَا يرى جهابذة الْمُحَدِّثِيْنَ أن هَذَا قادح في الرِّوَايَة،إِذْ إنه يدل عَلَى عدم ضبط راويه لَهُ. والضبط شرط لصحة الْحَدِيْث. وهذا إنما يتجه إذا كَانَ لا دليل لنا عَلَى أنَّّ الْحَدِيْث عَنْهُمَا جميعاً. أما إن دلَّ دليل فلا اختلاف مثل أن يروي إنسان حديثاً عن رجل تارة، ويروي ذَلِكَ الْحَدِيْث عن آخر تارة ثُمَّ يرويه عَنْهُمَا معاً في مرة ثالثة.
وأما إن كَانَ أحد الراويين ضعيفاً فَقَدْ تردد الحال بَيْنَ أن يَكُوْن عن القوي أَوْ عن الضعيف أَوْ عَنْهُمَا. وَهُوَ عَلَى أحد هَذِهِ التقديرات غَيْر حجة، ثُمَّ إن هَذَا يشترط فِيْهِ أن لا يَكُوْن الطريقان مختلفين بَلْ يكونان عن رجل واحد. ومع ذَلِكَ فيجوز أن يَكُوْن رَوَاهُ عَنْهُمَا جميعاً ().
وَقَدْ أشار الحافظ السيوطي () في " التدريب " () إلى بعض الاختلافات غَيْر القادحة بصحة الْحَدِيْث عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ، قَالَ: ((فمن ذَلِكَ أنهما أخرجا قصة جمل جابر من طرق، وفيها اختلاف كثير في مقدار الثمن، وفي اشتراط ركوبه. وَقَدْ رجّح البخاري الطرق الَّتِيْ فِيْهَا الاشتراط عَلَى غيرها مع تخريج الأمرين، ورجح أَيْضاً كون الثمن أوقية () مع تخريجه ما يخالف ذَلِكَ)).
قلت: والاختلاف في ثمن البعير أنه جاء بأوقية وفي رِوَايَة بأربعة دنانير، وَهُوَ يَكُوْن بأوقية عَلَى حساب الدينار بعشرة دراهم. وفي رِوَايَة أوقية ذهب، وفي رِوَايَة ومئتي درهم، وفي رِوَايَة أربع أواقٍ، وفي رِوَايَة بعشرين ديناراً. وَقَدْ خرّجها البخاري جميعها () ورجّح أنه بأوقية، قَالَ البخاري: ((وقول الشعبي () بأوقية أكثر الاشتراط: أكثر وأصح عندي)) (). وَقَدْ فسّر الحافظ ابن حجر ذَلِكَ بقوله: ((أي أكثر طرقاً وأصح مخرجاً)) ()، ثُمَّ قَالَ: ((وما جنح إِلَيْهِ المصنف من ترجيح رِوَايَة الاشتراط هُوَ الجاري عَلَى طريقة المحققين من أهل الْحَدِيْث لأنهم لا يتوقفون عن تصحيح الْمَتْن إذا وقع فِيْهِ الاختلاف إلا إذا تكافأت الروايات، وَهُوَ شرط الاضطراب الَّذِيْ يرد بِهِ الخبر، وَهُوَ مفقود هنا مع إمكان الترجيح)) ().
ـ[أبو نايف]ــــــــ[29 - 10 - 02, 01:22 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ماهر]ــــــــ[29 - 11 - 08, 09:43 م]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير،وستر عليكم وزادكم من فضله
أسأل الله أن يحفظكم وينفع بكم.
وأسأله تعالى أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ـ[ابو عبد الرحمن الفلازوني]ــــــــ[03 - 12 - 08, 09:48 ص]ـ
جزاكم الله خيرا" شيخنا ماهر ونفع الله بكم
ـ[ماهر]ــــــــ[11 - 12 - 08, 07:03 م]ـ
آمين، وأنتم جزاكم الله خيراً، ونفع الله بكم، ورفع قدركم في الدارين.
ـ[رندا مصطفي]ــــــــ[11 - 12 - 08, 11:24 م]ـ
الله يكرمكم يا دكتور ماهر
أسئل الرحمن أن يعزكم في الدنيا والآخرة
ويرزقكم الفردوس الأعلي تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله،مع النبي
صلي الله عليه وسلم
ـ[الأشقر]ــــــــ[19 - 12 - 08, 02:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وللشيخ أحمد بن عمر بازمول في كتابه المقترب في بيان المضطرب (ص/ 42، 73 - 90) كلام جيد في هذه المسألة فمن أحب الزيادة فليراجع كتابه.
والشيخ أحمد بازمول عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
- وكتبه أبو الفاروق
¥