ـ[مني لملوم]ــــــــ[16 عز وجلec 2010, 10:37 م]ـ
لا شك أن يوم هلكة الظالمين يوم عيد!!
وحتى لو كان المظلومون غير مسلمين فإننا نكره هذا الظلم وندينه،
ونفرح بإزالته ونسعد، فالظلم مقيت بكل أنواعه؛
لذلك يقول الله في الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي ذر رض1
عن رسول الله صل1مبلغًا عن رب العزة:
"يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا".
http://www.islamstory.com/uploads/image/articles/2634_image003.jpg
ولذلك عندما دخل رسول الله المدينة المنورة بعد هجرته من مكة وجد أن اليهود تصوم يوم عاشوراء،
وهو العاشر من المحرم، فقال -كما يروي البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما-:
"مَا هَذَا؟ " قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يوم نجَّى اللهُ بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى.
فقال رسول الله: "فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ"؛ فصامه وأمر بصيامه.
وكان صيامه في بادئ الأمر فرضًا على المسلمين، ثم لما فرض صيام رمضان جعل رسول الله صيام عاشوراء نافلةً،
لكنه أراد أن يحفِّز المسلمين على عدم ترك صيامه، فقال -كما يروي مسلم عن أبي قتادةرض1 - :
"صِيَامُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً".
ولا بد لنا أن نتساءل: لماذا هذا الاهتمام الكبير والاحتفال المهيب بيوم عاشوراء؟!
إن العبرة الواضحة، والهدف الجليّ لهذا الأمر أن رسول الله يريد ألاَّ تمر هذه الذكرى على أذهان المسلمين دون تدبر وفهم؛
إنه أراد لنا أن نجلس لدراسة هذا الحدث ولو مرة في كل عام؛ ذلك أن الحدث ضخم والعبرة عميقة.
لقد مرَّ على بني إسرائيل زمانٌ شعر فيه الكثيرون أن النصر بعيد،
وأن الأمل يكاد يكون مفقودًا في تغيير الواقع،
وأن فرعون سيظل جاثمًا على أنفاس شعبه أبد الدهر،
وأن الجنود الظالمين سيظلون في أماكنهم مهما حاول الضعفاء من بني إسرائيل.
ثم ماذا حدث؟!
إننا جميعًا رأينا، وفهمنا، ولكن كثيرًا ما ننسى!
إننا رأينا فرعون يقود جيشه في غرور وكبر ليقتحم البحر بعد أن رأى معجزة انشقاقه، فيهلك ويهلك معه جنده وأعوانه في لحظة واحدة؛ رأينا هذا الحدث وفهمنا أن الله قادر على كل شيء، وأدركنا بوضوح أن الظالمين لا بد لهم من رحيل، وأنه مهما طالت فترات حكمهم وطغيانهم فإنهم إلى زوال. وما أروع ما قاله فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رض1:
(((إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ)))، ثم قرأ: (((وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ))) [هود: 102].
إن هذا ما كان يريد رسولنا الأكرم والأعظم أن نتذكره.
إن الأمل لا ينبغي أبدًا أن يموت في قلوبنا، فمهما مرَّ على المؤمنين من أزمات فإنهم يخرجون منها بفضل الله وقوته،
قال تعالى: (((وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))) [الأعراف: 128].
ثم إن سنة إهلاك الظالمين ليست حدثًا فريدًا حدث في أيام موسى u عندما هلك الطاغية المتكبر فرعون،
بل حدثًا متكررًا بشكل كثيف في أحداث الدنيا؛ ولذلك يقول ربُّنا I في سورة الأنبياء: (((وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ))) [الأنبياء: 11].
وما أعمق الكلمة التي قالها رسول الله يوم قُتل أبو جهل في يوم بدر ( http://www.islamstory.com/%عز وجل8%رضي الله عنهصلى الله عليه وسلم%عز وجل8%رضي الله عنه2%عز وجل9%88%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم9_%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم8%عز وجل8%صلى الله عليه وسلمF%عز وجل8%رضي الله عنه1) عندما كبَّر،
ثم قال: "هَذَا فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ"!!
http://www.islamstory.com/uploads/image/articles/2634_image004.jpg
لقد ربط رسول الله في كلمة واحدة بين الفرعون الأول الذي كثر ذكره في صفحات القرآن الكريم، وبين الطاغية الجديد أبي جهل؛ ليرسخ في أذهاننا أن الصورة التي ذكرها ربنا لفرعون في كتابه ليست مجرد تأريخ لأحداث الماضي، إنما هي وصف دقيق لنمط الفراعنة المتكبرين، وشرح مفصل لسيرة حياتهم، وطريقة تفكيرهم، ووسائل طغيانهم، ومواقف المؤمنين منهم، ثم هي في النهاية توضيح جلي لخاتمتهم مهما تكبروا، ولنهايتهم مهما ظلموا.
إن الرسول بهذه الكلمة الرائعة جعل لنا القرآن الكريم كتابًا واقعيًّا ينبض بالحياة، فكل مسلم يفتح هذا الكتاب ويقرأ صفحات فرعون سيسقطها على فرعون زمانه ومكانه، وما أكثر الفراعنة! وما أكثر الثياب التي يلبسونها! فتارةً يأتي في ثياب الكفرة الوثنيين، وأخرى يأتي في ثياب الصليبيين ( http://www.islamstory.com/%عز وجل8%رضي الله عنه3%عز وجل9%84%عز وجل8%رضي الله عنه3%عز وجل9%84%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم9-%عز وجل9%82%عز وجل8%رضي الله عنه5%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم9-%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل9%84%عز وجل8%صلى الله عليه وسلمعز وجل%عز وجل8%رضي الله عنه1%عز وجل9%88%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم8-%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل9%84%عز وجل8%رضي الله عنه5%عز وجل9%84%عز وجل9%8صلى الله عليه وسلم%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم8%عز وجل9%8صلى الله عليه وسلم%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم9)، وثالثة يأتي في ثياب التتار ( http://www.islamstory.com/pagination.php?type=articles&cat_id=101)، ورابعة في ثياب المستعمرين الأوربيين ( http://www.islamstory.com/%عز وجل9%82%عز وجل8%رضي الله عنه5%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم9_%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل9%84%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل8%صلى الله عليه وسلمعز وجل%عز وجل8%صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم% عز وجل9%84%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل9%84_%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل9%84%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم3%عز وجل9%88%عز وجل8%رضي الله عنه1%عز وجل 8%صلى الله عليه وسلم8%عز وجل9%8صلى الله عليه وسلم)، بل كثيرًا ما يأتي في ثياب المسلمين!!
حقًّا .. ما أكثر الفراعنة!!
لكن من المؤكد أن لهم جميعًا نهاية، فالله لا يخلف الميعاد.
إن هذا هو المعنى الذي حرص رسول الله على إدخاله في عقولنا، وهذا هو السبب الذي من أجله نحتفل بهذا اليوم، وهذه هي العبرة التي يجب أن نأخذها من الحدث، ولا ينبغي لنا أن نترك وسائل الإعلام، أو بعض الطوائف والفرق أن تأخذنا بعيدًا عن هذا الهدف؛ ولا ينبغي لنا أن نتركهم يعبثون بأذهاننا، وينحرفون بغاياتنا ومبادئنا عما أراده لنا رسولنا وقدوتنا.
إنَّ يوم عاشوراء يومٌ صالح؛ فيه رُفع الظلم، وفيه نُصر الإيمان، وفيه ظهرت قدرة رب العالمين. ونسأل الله أن يرزقنا يومًا عظيمًا كهذا اليوم، تُرفع فيه رايات العزة والمجد للمؤمنين من أبناء هذه الأمة الكريمة. اللهم آمين!
د/ راغب السرجاني
المصدر:عاشوراء وهلاك فرعون ( http://www.islamstory.com/%عز وجل8%رضي الله عنه9%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل8%رضي الله عنه4%عز وجل9%88%عز وجل8%رضي الله عنه1%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم1_%عز وجل9%88% عز وجل9%87%عز وجل9%84%عز وجل8%صلى الله عليه وسلم7%عز وجل9%83_%عز وجل9%81%عز وجل8%رضي الله عنه1%عز وجل8%رضي الله عنه9%عز وجل9%88%عز وجل 9%86)