ـ[ابو يارا]ــــــــ[01 Jun 2003, 07:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لدي سؤال مهم أرجو ممن لديه إيضاح أن لايبخل علينا.
السؤال / هل يأثم من يفكر مجرد تفكير في عمل معصية ما وهو داخل أسوار الحرم خاصة، وفي حدود مكة المكرمة بشكل عام؟ وبالمثل بالحرم النبوي الشريف؟
وما مدى موافقة ذلك مع الوعيد الشديد الوارد في الآية الكريمة في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ... (الحج- الجزء السابع عشر)؟
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[01 Jun 2003, 11:32 م]ـ
أخي الكريم أبا يارا _ وفقه الله _
أولا: معنى (يرد) في قوله تعالى {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} قيل هو العزم والتصميم الأكيد، وليس مجرد هم الخطرات وحديث النفس الذي عفا الله عنه، وقيل: بل معناه هم الخطرات وحديث النفس، وعلى هذا القول الثاني تكون لمكة خصوصية وهي أن الله تعالى يؤاخذ بالهم في حرم مكة فقط كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: ما من بلد يؤخذ فيه العبد بالهمة قبل العمل إلا مكة وتلا الآية، ونقله بعض أصحاب أحمد عن الإمام أحمد
ثانيا: الإلحاد في الآية الكريمة:
1 - قيل هو الشرك وهو إحدى الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو قول مجاهد وقتادة وغير واحد
2 - وقيل هو القتل وهو رواية أخرى عن ابن عباس
3 - وقيل هو هو احتكار الطعام بمكة وهو قول سعيد بن جبير وجندب بن ثابت وغير واحد
4 - وقيل هو مطلق المعصية وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما وغيره، ويمكنكم مراجعة الأقوال في ذلك في كتب التفسير.
ثالثا:
ما سبق هو حكم الهم بالمعصية وتحديث النفس بارتكابها في مكة خاصة، أما المدينة فحكمها كغيرها من البلدان وهو ما يلي:
1) الخطرات وحديث النفس لا يؤاخذ به المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها مالم تتكلم به أو تعمل به)، وللآية الأخيرة من سورة البقرة وقوله تعالى في الحديث القدسي: (قد فعلت)
2) العزم الأكيد على فعل المعصية، إذا امتنع بعده المسلم من فعلها خوفا من الله تعالى كتبها الله له حسنة، وعليه يحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: {إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم فعملها كتبت سيئة واحدة} صححه الألباني في صحيح الجامع 1796
3) العزم الأكيد على فعل المعصية، إذا لم يقع بعده المسلم في المعصية لعدم تهيؤ أسبابها أو عدم قدرته المالية أو البدنية على فعلها أو خوفا من الناس أو خوفا من ضرر صحي أو أي مانع آخر سوى الخوف من الله تعالى، فإنها تكتب سيئة، ويكون عليه مثل وزر من فعلها،كما يدل عليه الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه: {إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم فيه لله حقا فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية فيقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله حقا فيه فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه مالا وعلما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فله أجر نيته} صححه الألباني في صحيح الترغيب 16، هذا والله تعالى أعلم