ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[09 عز وجلec 2010, 04:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
(سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ـ سورة البقرة: الآية32 ـ
ينظم مختبر الدراسات و الأبحاث الحضارية بتعاون مع: شعبة الدراسات الإسلامية مؤتمرا دوليا و ذلك منتصف شهر أبريل 2011م بكلية الآداب و العلوم الإنسانية جامعة شعيب الدكالي، الجديدة، المغرب.في موضوع: القراءات المعاصرة للقرآن الكريم.
تعرف الساحة الثقافية ـ خاصة بعد رحيل أقطاب الدراسات المعاصرة للقرآن الكريم ـ جدلا كبيرا حول ما يسمى بـ القراءات المعاصرة للقرآن الكريم ـ هناك من ينعتها بالجديدة، والحداثية، والعلمانية ـ التي تتدثر بمناهج لسانية، وسوسيولوجية، وتاريخية، وإنتروبولوجية، أدت ـ في أغلب الأحيان بقصد أو بغير قصد ـ إلى تحريف المعاني القرآنية، وإخراج النصوص عما هو مجمع عليه، فضلا عن تناقضها مع الحقائق الشرعية، وتعارضها مع مقاصد الشريعة الإسلامية. ومرد ذلك لعدم احترامها لخصوصيات القرآن الكريم، ومعاملته كسائر النصوص البشرية.وليس معنى ذلك أننا نريد حجب هذه المناهج عن مقاربة الخطاب القرآني، بقدر ما نريد بيان حقيقة أساسية تتعلق بالقراءة الإيجابية للقرآن الكريم، وهي القراءة المقاصدية، التي تحفظ للقرآن الكريم خصوصياته، وتحقق مقاصده، ككتاب هداية، يبين للناس ما يحقق صلاحهم في الحال والفلاح في المآل. إن كل منهج من المناهج المذكورة آنفا يمكنه أن يسهم في بلورة هذه القراءة المقاصدية، بحيث تمكن الإنسان من الوقوف على مراد الله تعالى من الخطاب القرآني بحسب القدرة البشرية، أي إنها قراءة ذات أبعاد ثلاث: أ. التلاوة.ب. التدبر.ت. التطبيق.والله تعالى تعبدنا كمسلمين بهذه المستويات الثلاث، ومن ثم فإن القراءة في تصور المسلمين ليست قراءة حرة، بقدر ما هي قراءة مقاصدية.
ومن هنا نفهم أننا أمام موقفين:
1) موقف يؤمن بأن القرآن كلام الله، المقدس والمعجز، والمتضمن للحق والحقيقة، ومن ثم يتخذه مرجعية له في الحياة.
2) وموقف آخر ينظر إلى القرآن كنص بشري ليست له أية خصوصية، وأن هالة القداسة مصطنعة، ومن ثم دعت إلى القطيعة المعرفية مع القراءات الإسلامية التراثية، وحذفت عبارات التعظيم، واستعملت مصطلحات غير المصطلحات الشرعية. فبدل نزول القرآن استعملوا الواقعة القرآنية، وبدل القرآن استعملوا المدونة الكبرى، وبدل الآية استعملوا العبارة. وتعمدت الاستشهاد بالقرآن والنص البشري بدون أدنى تمييز بينهما، مع الدعوة إلى عقلنة النص القرآني برمته، ورفع عائق الغيبية. واعتبار كل ما يعارض العقل شواهد تاريخية، وربط الآيات القرآنية بالظروف والسياقات الزمنية، بما يعني أن القرآن الكريم ليس إلا نصا تاريخيا. والتذرع بالمناهج الحديثة بدعوى أنسنة القرآن الكريم، لنزع القداسة عنه، والتشكيك في تواتره. مما يخفي وراءه مواقف المستكبرين في الأرض من جهة، وأهدافهم، ومشاريعهم التي بدأنا نرصد بعض آثارها على الواقع، واختيارات أيديولوجية من جهة أخرى.
والواقع أن الدراسات المعاصرة للقرآن الكريم ما هي إلا امتداد للدراسات الاستشراقية التي يمثلها نولدكه في دراسته عن تاريخ القرآن الكريم، حيث انتهى إلى أن نبوة محمد صل1 ما هي إلا امتداد لنبوات العهد القديم، وأن القرآن الكريم مأخوذ عن المأثورات اليهودية والمسيحية.
وقد تطورت هذه الدراسات حول القرآن الكريم في الستينات من القرن الماضي، على أيدي التفكيكيين كجون واسنبرو، وكوك، وكرون الذين يمثلون الاتجاه التفكيكي الداخلي، ولينغ ولوكسنبورج اللذين يمثلان الاتجاه التفكيكي الخارجي. وعن هؤلاء أخذ أصحاب القراءات المعاصرة للقرآن الكريم، من العرب والمسلمين، كمحمد أركون، ونصر حامد أبي زيد، والمنصف بن عبد الجليل، وعبده الفيلالي الأنصاري، ويوسف صديق، ومحمد الشريف فرجاني، وعبد المجيد الشرفي، وطيب تيزيني، وحسن حنفي، وأخيرا محمد عابد الجابري.
¥