د. عبد الرحمن الشهري: (وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا) طبعًا اليهود -والسياق يتحدث عنهم -في إشارة أن اليهود كانوا أهل بجاحة وكانوا يأتون إلى النبي –صلى الله عليه وسلم –ويتحدثون كما قال الله سبحانه وتعالى (وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا) فيظنون أنهم يخدعون بهذا النبي –صلى الله عليه وسلم –، فالله سبحانه وتعالى كان يطلع النبي –صلى الله عليه وسلم –على أخلاقياتهم الفاسدة هذه ويستعجب ويعجب النبي –صلى الله عليه وسلم من هذه الجرأة التي يفعلها اليهود في مثل هذه المواقف فيقول (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) فقال (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) ?وهذا نعود إلى الكلام الذي قلناه مرارًا أن هذه أخلاق اليهود، ما قال انظر كيف افتروا على الله الكذب وإنما قال (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) وهذا فيه
د. مساعد الطيار: معنى التجدد
د. عبد الرحمن الشهري: نعم، معنى التجدد، وفيه أيضًا توجيه للنبي -صلى الله عليه وسلم –وللمسلمين من بعده إلى دراسة أخلاق اليهود وطرقهم في الكذب وفي التزوير وفي التدليس وما أكثرها في زماننا! قال (يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا) وهذه الآية الحقيقة فيها تعظيم شأن الكذب مطلقًا، ولكنه إذا كان على الله فهو أشدّ جُرمًا
د. محمد الخضيري: نعم بلا شك
د. عبد الرحمن الشهري: بمعنى أن يقولوا أن الله قال كذا وهو لم يقل كذا، صحيح؟
د. محمد الخضيري: نعم
د. عبد الرحمن الشهري: ويقولون هذا حلال وهذا حرام وهم أيضًا كاذبون، ويقولون هذا من الكتاب وما هو من الكتاب، أليس كذلك؟
د. محمد الخضيري: بلى
د. عبد الرحمن الشهري: ففيه أيضًا تبشيع لأمر الكذب، وتحذير من خلق الكذب مطلقًا
د. محمد الخضيري: ومما يؤكد هذا أو يؤكد هذا المعنى في هذه الآية قول الله –عز وجل – (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) قال العلماء: أن هذا الآية جاءت بهذه المحرّمات على وجه الترتيب بدأ بالأدنى إلى الأعلى والأشدّ فجعل أعلاها القول على الله بغير علم، فإن قيل القول على الله بغير علم أشدّ من الشرك؟! قيل: نعم
د. مساعد الطيار: لأن الشرك جزء منها.
د. محمد الخضيري: إي نعم، لأن الشرك فرعٌ على القول على الله بغير علم. أنت إذا أشركت -نسأل الله العافية والسلامة- ما أشركت إلا لأنك ادّعيت لهذا الذي أشركته مع الله أن له حقًا في الألوهية، وذكرت له نصيبًا منها. تفضل أبو عبد الملك.
د. مساعد الطيار: في قوله (وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا) أي كفى بهذا الكذب والافتراء (إِثْمًا مُبِينًا) وصفه بأنه مبين بمعنى ماذا؟ ظاهر واضح لايحتاج إلى من يوضّحه، يعني كونك تدعي لله الشريك فهذا هو في ذاته دالٌ على أنه خطأ محض وأنه باطل بلا ريب، ولهذا وصفه بماذا؟ بأنه مبين. والعقل يدل على انتفائه، هذا هو الأصل. ولكن كم ضلت عقول بدعوى المشاركة؟! ولهذا مثلاً لاحظ لو قرأت في تاريخ اليونان وآلهة اليونان والأساطير يعني أساطير اليونان في آلهتهم ستجد سبحان الله أنهم جعلوا الإله بمنزلة الإنسان وجعلوا بين هذه الآلهة صراعًا كما يكون بين الناس، فإذن هل يتصور أن يكون أكثر من إله؟ (إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ).
د. محمد الخضيري: في قوله (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) الحقيقة اليهود ذُكِرت أكاذيبهم يعني كأنها بشكل استقصائي وخصوصًافي الدعاوى, لما قالوا (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ولم يذكرها الله –عز وجل- ويتركها بل يرد عليها (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) لما قالوا في سورة الجمعة ما هي الآية يا أبو عبد الملك؟
د. مساعد الطيار: قل تمنوا الموت؟
¥