د. الشهري: هناك سؤال مرّ معنا في قوله سبحانه وتعالى (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما كان في غزوة ذات السلاسل فاحتلم وأصبح جنباً صح؟! فأراد أن يتوضأ ويُصلي بالناس أو يغتسل فلم يستطع لشدة البرودة فتيمّم وصلّى بالناس, فلمّا رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم, قالوا يا رسول الله صلى بنا وهو جُنُب, فسأل عمرو بن العاص رضي الله عنه, قال عمرو: يا رسول الله كان الوقت شديد البرد وتذكرت قول الله تعالى (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فتيمّمت وصلّيت, فضحك النبي صلى الله عليه سلم ممّا يدل على أنّ التيمّم في حال فقدان الماء يُجزئ عن الاغتسال
د. الخضيري: نعم، أو في حال الخوف من استخدامه لبردٍ أو نحوه
د. الشهري: يعني كلمة "تغتسلوا" هنا واضحة أنّها في الماء أليس كذلك؟! وليس فيها الإشارة إلى من ينوب عنه في حال عدم القدرة على استخدامه لأي سبب.
د. الخضيري: بعد أن ذكر الله عز وجل وجوب التطهر للصلاة, بيّن المواطن التي يحل فيها التيمّم فقال (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى) هذه واحد، (أَوْ عَلَى سَفَرٍ) هذه الثانية. والعادة أنّ المسافر مظنّة لعدم وجود الماء أو لقِلتّه بحيث لا يكفي إلا لشربه وشرب دابته, كما كان الناس قديماً يفعلون. فإذا كان الإنسان مريضاً يخاف إستعمال الماء أن يزداد المرض أو يتأخر البُرء أو يخاف أيضًا من القتل مثل ما حصل لعمرو بن العاص رضي الله عنه الموت, (وإن كنتم مرضى أو على سفر) ثم قال الله عز وجل: (أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الغائط) "أو جاء" ليست اسماً من الاثنين ولا نوعاً مفرعاً, وإنما هنا "أو" بمعنى "و" مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يقرأه من يصلي أو آسف يقرأه من به همّ أو حزن يقول: (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدلُ فيّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميّت به نفسك أو أنزلته في كتابك ... ) فقوله (أو أنزلته) معناها وأنزلته فـ"أو" تأتي في هذا الموطن بمعنى الواو , قوله (أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ) ما معناها يا دكتور مساعد؟!
د. الطيار: طبعاً الغائط من حيث اللغة هو المكان المنخفض وكانوا يقصدون مثل هذه الأماكن لقضاء حاجتهم
د. الخضيري: نحن بالعامية نقول مكان غويط من هذا المعنى
د. الطيار: يبدو هذا قريب منه،
د. الخضيري: وعندنا؟؟؟؟؟؟؟ في نجد تسمى الغائط يعني لاطمئنانها منخفضة تحت جبل
د. الطيار: طبعاً فسمّت العرب الشيء بما يقاربه باسم مكانه
د. الخضيري: وهذا من ماذا؟!
د. الطيار: هذا من الأدب وحسن العبارة
د. الخضيري: ومثلها البراز, أيضا البراز سمّي باسم مكانه, لأنّ الإنسان إذا أراد أن يقضي حاجته ذهب إلى براز من الأرض. (أوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) دكتور عبد الرحمن؟
د. الشهري: الملامسة هنا الأصل فيها الجِماع, المقصود بها (أو لامستم النساء) بمعنى أو جامعتم النساء, فقوله هنا: (َأوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ) فالمقصود بالملامسة هنا يذكر المفسرون أنّ المقصود بها أو جامعتم النساء, وبعضهم يذكر القول الآخر أنّ مجرد الملامسة بشهوة تدخل في هذا
د. الخضيري: هم يستدلون بقراءة (أو لمستم النساء) لكن حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه فسّر الملامسة هنا بالجماع, والمعنى يدل لذلك لماذا؟! لأنّ لو كان المراد لمس المرأة لكان من الحدث الأصغر. الحدث الأصغر جاء في قوله (أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ) فإذا ذكر مرة أخرى لم يكن في ذكره فائدة بينما إذا ذكر قسيمه وهو الحدث الأكبر دلّ ذلك على أنّ التيمّم يكون من الحدث الأصغر ويكون من الحدث الأكبر فحمْلُه على ما ذكر ابن عباس رضي الله عنه بأنّ معنى الملامسة على ما أسلفتم يا دكتور عبد الرحمن هو الجماع أولى، والقراءة الثانية لمستم تُفسّر بهذه لأنّه يأتي الجماع بمعنى الملامسة وبمعنى اللمس
د. الطيار: طبعا اللمس هو الأصل فيه اللمس باليد ويُفسّر بالملامسة على القراءة الثانية تُفسّر لمستم بقراءة لامستم أنّ المراد بها هي الجماع
¥