مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الأول: مقدمات)

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 صلى الله عليه وسلمpr 2003, 09:10 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وأفضل المرسلين محمد بن عبدالله، وعلى آله الطيبين،وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

فهذه بداية مشاركاتي في هذا المنتدى الطيب المبارك - إن شاء الله - وستكون مرتبطة بالقرآن الكريم من خلال دراسة موضوعات علوم القرآن دراسة تأصيلية نقدية.

عسى الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، كما أسأله سبحانه أن يجعلنا داخلين فيمن قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وتعلمه) رواه البخاري من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وبهذه المناسبة؛ فإني أرحب بمشاركات الأعضاء الجادة والمفيدة، وتسرني تعليقاتهم وملاحظاتهم البناءة، وأرحب باستفساراتهم وأسئلتهم في هذا الموضوع.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. آمين

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 صلى الله عليه وسلمpr 2003, 09:12 ص]ـ

من المهم أن نعلم أن علم علوم القرآن مِمَّا ينبغي الحرص عليه والاهتمام به؛ لارتباطه الوثيق بالأصل الأول من أصول العلم - الذي هو القرآن الكريم -.

فعلوم القرآن علمٌ يعين على فهم القرآن، ولاشك أن فهم القرآن مِمَّا يتعين على كل مسلم يريد العلم بما في القرآن، فكيف بطالب العلم الذي يريد أن يكون عالماً فقيهاً مُعَلِّماً ناصباً نفسه للعلم.

وأودُّ التأكيد هنا على أهمية تأصيل مباحث وموضوعات علوم القرآن، وذلك بالرجوع إلى أصول العلم بدلاً من الرجوع إلى آراء الرجال وما كتبوه من مؤلفات، وقبولِ أقوالهم وأخذها على أنها من المسلّمات.

ولو أننا نظرنا نظرة فاحصة في مؤلفات علوم القرآن - وخاصة المتأخرة - لوجدنا أنّ أكثرها ترجع في الغالب إلى ما كتبه كل من الزركشي في (البرهان في علوم القرآن) والسيوطي في (الإتقان في علوم القرآن) دون الرجوع إلى المصادر التي اعتمدوا عليها ورجعوا إليها.

ومن أهم الأصول التي لابُدّ من الرجوع إليها ونحن نبحث في موضوعات علوم القرآن، كتب السنة، ولو أن العلماء وطلبة العلم جَرَدُوا كتب السنة واستخرجوا ما فيها من أحاديث تتعلق بموضوعات ومباحث ومسائل علوم القرآن لوجدوا علماً طيباً مباركاً، يغنيهم عن كثير من الأقوال والآراء التي لا مستند لها من نقل صحيح، وقد تخالف في كثير من الأحيان ما تدل عليه النصوص الصحيحة الثابتة.

وهذا يقودنا إلى الحديث عن أمر مهم يتفرع عن أهمية الاعتماد والرجوع إلى أصول العلم المعتبرة وهو: وجوب ردّ الأقوال المخالفة لهذه الأصول، فإذا ورد قول في مسألة من مسائل علوم القرآن أو في أي علم آخر، وهذا القول يخالف مخالفة صريحة كتاب الله تعالى وسنة نبيه r وما أجمع عليه سلف هذه الأمة الصالح من الصحابة والتابعين ومَن تبعهم بإحسان من الأئمة المهديين - فإنه يجب رده، ولايُلتفت إليه؛ بل لايُعدُّ قولاً من الأقوال - ولا كرامة -.

قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (قال أبو عمر: ماجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة، وصح عنهم فهو علمٌ يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم فبدعة وضلالة) [من كتاب جامع بيان العلم وفضله 2/ 946].

ومن أمثلة الأقوال التي ذكرت في كتب علوم القرآن واشتهرت مع مخالفتها لنصوص القرآن الكريم الصريحة، قولهم: إن القرآن له نزولان:

الأول: نزول من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.

الثاني: نزوله من السماء الدنيا على النبي صلى الله عليه وسلم. [هكذا قال مؤلف كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم الدكتور محمد أبو شهبة ص46]

فهذا القول بعضه صحيح وبعضه ضعيف مردود، فالصحيح هو أن القرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا؛ لثبوت ذلك في آثار صحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، كما سيأتي - إن شاء الله -، والضعيف المردود هو قولهم: إن القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من السماء الدنيا.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015