تعليق على كلام الشيخ مساعد في فهم حديث كشف الساق

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[30 Sep 2008, 02:11 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى

لقد تشرفت اليوم لأول مرة بمشاهدة برنامج (التفسير المباشر) بتقديم الشيخ عبد الرحمن الشهري (الذي أراه لأول مرة) وضيفه الشيخ مساعد الطيار، وهو برنامج فعلا نافع ومتميز وغير مسبوق ..

لكن وقع الكلام في هذه الحلقة على بعض المسائل العقدية في تفسير ما ورد في حديث صحيح البخاري تحديدا في كتاب التوحيد باب قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة، والذي جاء فيه: (فيكشف عن ساقه)، وقد حمله الشيخ مساعد على مقتضى مذهبه في الصفات فعد الساق صفة لله تعالى، بل وجزم بذلك جزما، وهذا ما لفت انتباهي وأحببت التعليق عليه.

فكون الشيخ مساعد يعتقد أنها صفة لله تعالى على مقتضى مذهبه، شيء خاص به لأنه مسؤول على معتقداته أمام الله سبحانه وتعالى، أما أن يجزم جزما بأن ما جاء في الحديث لا يحتمل التأويل إطلاقا مطلقا، بحيث هو ناص نصا على أن "الساق" صفة لله تعالى، خلافا لما ورد في آية سورة القلم وتسليمه أنها تحتمل التأويل باعتبار أنها ليست من آيات الصفات، مع أن التفريق بين الآية والحديث محض تحكم، أقول: فجزمه بأن ما جاء في الحديث لا يحتمل التأويل مطلقا كما صرح بذلك فيه نظر، والحقيقة أن أدنى اطلاع على كتب شراح البخاري مثلا تبين أن حكم الشيخ مساعد بأن الحديث لا يحتمل التأويل حكم مخالف للواقع، وسأكتفي بنقل ما جاء في الكواكب الدراري للشيخ الكرماني لبيان ذلك:

فقد قال في حديث كتاب التوحيد الذي جزم فيه الشيخ مساعد بأنه لا يحتمل التأويل: (ويكشف) معروفا ومجهولا. وفسر الساق بالشدة، أي يكشف على ساق. وقيل: المراد به اليوم العظيم. وقيل: هو جماعة من الملائكة. يقال: ساق من الناس، كما يقال: رجل من جراد. وقيل: هو ساق يخلقها الله سبحانه وتعالى خارجة عن الساق المعتادة. وقيل: جاء الساق بمعنى النفس، أي تتجلى لهم ذاته. (الكواكب الدراري ج25/ص147 ـ 148)

فهذه خمس تأويلات (توجيهات) يحتملها لفظ الحديث، فالحكم بأنه لا يحتمل إلا معنى واحدا حكم مخالف للواقع.

نعم، قد يقال، بحسب الدعوى، بأنه يحتمل معاني عديدة منها الصحيح ومنها الباطل، لكن لا يقال بالإطلاق أن الساق في هذا الحديث لا يحتمل التأويل والتفسير بغير ما فسره به الشيخ مساعد من أنها صفة ذات الله تعالى يكشف عنها يوم القيامة.

وفي حديث كتاب التفسير، توسع الكرماني في بيان المعاني المحتملة للفظ الساق، ناقلا ذلك عن إمام معتبر في علم الحديث وشرحه، وهو الإمام الخطابي، فقال ناقلا عنه: هذا الحديث مما أجروه على ظاهره على نحو مذهبهم في التوقف عن تفسير ما لا يحيط العلم به اي من المتشابهات. (يقصد على مذهب أهل التفويض كما هو معلوم من لفظ التوقف) وقد أوله بعضهم على معنى قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون) فروي عن ابن عباس أنه قال: أي عن شدة وكرب؛ قال بعض الأعراب وكان يطرد الطير عن زرعه في سنة جدب: عجبت من نفسي ومن إشفاقها، ومن إطراد الطير عن أرزاقها، في سنة قد كشف عن ساقها. فيحتمل أن يكون معنى الحديث أنه يشتد أمر القيامة فيتميز عند ذلك أهل الإخلاص، فيؤذن لهم في السجود، وأهل النفاق يعود ظهورهم طبقا لا يستطيعون السجود. وأوله بعضهم بأن الله يكشف لهم عن ساق لبعض المخلوقين من ملائكته وغيرهم، ويجعل في ذلك سببا لبيان ما شاء من حكمته في أهل الإيمان والنفاق. قال (أي الخطابي): وفيه توجيه آخر وقد تحتمله اللغة، روى عن ابن عباس النحوي فيما عد من المعاني الواقعة تحت هذا الاسم (أي الساق) أنه قال: الساق: النفس، كما قال علي رضي الله عنه: والله لأقاتلن الخوارج ولو تلفت ساقي. فيحتمل أن يكون المراد به تجلي ذاته لهم وكشف الحجب حتى إذا رأوه سجدوا. (الكواكب الدراري، ج18/ص 163 ـ 164)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015