وقال الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن) وهذا يؤكد ما قرره شيخ الإسلام في بداية المقدمة) أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لأصحابه معاني القرآن كما بيّن لهم ألفاظه (ثم قال شيخ الإسلام:) ومنهم الحَبر البحر – سمي بذلك لكثرة وسعة علمه – الحَبر البحر عبد الله ابن عباس الذي قال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودعا له {اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل (

وما معنى التأويل عند السلف؟

التأويل عند السلف معنى التفسير أو عاقبة الشيء، أما التأويل الذي ظهر في الآونة الأخيرة وهو صرف اللفظ عن المعنى الراجح والمعنى المرجوح هذا قول المتأخرين, أما التأويل في عرف السلف ـ رحمهم الله ـ وفي لفظ الكتاب والسنة فلا يعرف إلا بالتفسير أو عاقبة الشيء وما يؤول إليه (هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ) (27) أي عاقبته، ما آلت إليه رؤياي, وسيأتي ـ إن شاء الله ـ الحديث عن هذا بتحرير عند قول الله عزّوجل (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ) (28) (قال ابن جرير: قال عبد الله بن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس (المادح من؟ الممدوح من؟ ابن عباس! انظروا كيف الصحابة! ما هم يشتغلون مثل بعض طلبة العلم هداهم الله كالضرائر كل واحد يُسقط من الآخر , يقول نعم ترجمان القرآن ابن عباس ــ يمدحه يثني عليه ــ وهم يشتركوا في فن واحد، ولذلك الصحابة لهم ميزة العلم النافع، القلوب الصافية .. نعم ترجمان القرآن ابن عباس.

يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ (انظروا إلى هذه النكتة العلمية)، يقول: هذا إسناد صحيح لابن مسعود (أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة) وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح وعمّر بعده ابن عباس ست وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود، إذا كان ابن مسعود جاره وعمّر ابن عباس بعد ابن مسعود بست وثلاثين سنة, يقول شيخ الإسلام فما ظنك بالعلوم!!

ابن عباس مرجع في التفسير إمام التفسير بلا منازع.

ولذلك تذكرون أنه قال في الفصل الثالث أعلم الناس بالتفسير من؟ أهل مكة أصحاب من؟ أصحاب ابن عباس.

وقال: (وقال الأعمش استخلف علي عبد الله ابن عباس على الموسم أي في الحج خطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا). من علمه ـ رحمه الله ـ كيف يأتون الباطنية ويقولون أن الصحابة ما عرفوا التفسير، لكن الصحابة كانوا لا يتكلمون إلا بما يُشكل وما يحتاج إليه الناس.

ثم قال: (ولهذا فإن غالب ما يرويه إسماعيل ابن عبد الرحمن السُّدي الكبير) لماذا قال الكبير؟ تفرقة بينه وبين الصغير، الصغير هذا ضعيف وضّاع بل إن السلسلة التي فيها تسمى ـ الإسناد الذي فيه السدي الصغيرـ سلسلة الكذب أما إسماعيل ابن عبد الرحمن السُّدي الكبير فإنه ينقل عن ابن عباس وابن مسعود ورواياته في نقله صحيحة فيما ينقله إذا صح ما بعده، لكن هو في نفسه ثقة.

قال): ولكن في بعض الأحيان - نفس السدي هذا - ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ)

في إشارة إلى ما رواه الصحابيان ابن عباس وابن مسعود، ابن مسعود قليل الروايات أما ابن عباس فله أكثر من 240 رواية إسرائيلية لكن ينقلها عن أهل الكتاب، لكن كل ما نقلوه هو من القسم الذي أباحه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قرر شيخ الإسلام من القسم التي أباحها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال (بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) (29) يقول: (ولهذا كان عبد الله ابن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن بذلك) أصاب زاملتين يعني أصاب كتب كثيرة فكان يحدث لأنه فهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015