في سورة آل عمران آية قال الله عز وجل (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)).
الناس أصبحوا الآن في قضية يأس مما يدور بالمسلمين من قتل وتشريد وتدمير والإنسان أصبح في مرحلة من الياس والإحباط هل نجد في كتاب الله عز وجل ما يبعث الأمل في النفوس لكي يتعزز التفاؤل في أنفسنا ونكون مساهمين في رقي هذه الأمة وإعادة هيبتها؟ لو نقرأ في سورة الشرح (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ?1? وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ?2? الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ?3? وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ?4? فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ?5? إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ?6?) جاءت هذه الآية أولًا أكدت بـ (إنّ) للدلالة على أن هذا حق واجب وأن الله سبحانه وتعالى قد وعد به عباده بأن أي عسر سيكون معه يسر. وثانيًا أن الله عز وجل كرر هذا المعنى مرتين حتى يتأكد كل إنسان أن كل عسر نزل به وضر حل به أن الله سبحانه وتعالى سيجعل معه يسرًا وليس بعده، اليسر ينزل معه. والعلماء قالوا لن يغلب عسر يسرين، العسر المذكور في الآيتين هو في الحقيقة واحد لأنه جاء معرفة واليسر المذكور في الآيتين هو يسران وليس واحدًأ لأنه جاء نكرة. وأوضح هذا الأمر لو قلت لأحد جاء رجل ودخل رجل وجلس رجل وسلمت على رجل، كم هؤلاء؟ أربعة. لكن لما أقول جاء الرجل ودخل الرجل وسلّمت على الرجل فهم واحد لأنه جاء معرفة والأول نكرة. فجاءت العسر في الآيتين معرفة لما تعددت صارت شيئًا واحدًا وجاء اليسر في الآيتين مرتين فلما تعدد صار معددًا. قال العلماء لن يغلب عسٌر يُسرين فالله وعدنا أن يكون مع العسر يسرين وليس يسرًا واحدًا والدليل على ذلك عندما يصاب الإنسان بحادث يجد سبحان الله اليُسر من الله تعالى واضحًا أمامه أول شيء أنك ما تحس بشيء من آلآمك، عندما يصاب الإنسان بحادث يخرج من دون أن يشعر بشي وهذا من يسر الله له، لو كان يشعر بالآلآم من تلك اللحظة كان يزعج نفسه ويزعج الآخرين بحيث لا يستطيع أحد أن ينقذه. ولكنه سبحان الله يقف مصدر الألم عنده حتى يصل إلى المستشفى. ثم انظر إلى نفسك ما تفكر في عسر نزل بك إلا وتجد أن الله تعالى جعل فيه يسرًا ثم يسر فإذا أصابك كسر في رجلك تقول الحمد لله أنه لم يكن في الرجلين ولا في اليدين ولا في العينين ولا في القلب فالحمد لله فيخف عليك الألم الذي أنت فيه لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم". من أراد ألا يزدري نعمة الله عليه وأن ينبعث الأمل في نفسه لا تنظر إلى من هو فوقك في الرزق والمال والصحة والأمن والولد والأهل والوطن لا تنظر إلى من هو فوقك لأن هذا يبعثك على الإحباط والتسخط لقضاء الله وقدره وإنما انظر إلى من هو أقل منك ستجد أنك مسرور وفرحن الحمد لله أنا في خير وعافية! وما عندي إلا أن عساي أن أشكر الله عز وجل. إفترض أن راتبك ألفين ريال تقول انا راتبي قليل كيف سأصنع في هذه الحياة؟! وماذا ستصنع لي هذه الألفين ريال.! أُنظر إلى هذا العامل الذي يشتغل من بعد صلاة الفجر إلى بعد صلاة العصر بثلاثمائة ريال! ماذا يأكل؟! ماذا يبقي لأهله؟! ماذا يدّخر؟! أنت راتبك ضعف راتبه ثمان أو تسع مرات! إحمد الله على ما أنت فيه من النعمة وقل الحمد لله أنا في خير لكن لو قلت أخي راتبه عشرون ألفًا وأنا ألفين معنى هذا ستبقى تعيسًا طول حياتك!. "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم".
أنا متفائل ولله الحمد والمنة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم علي نعمته ولا أنكر أنه قد يأتيني أحيانًا من نزغ الشيطان ما يضيق صدري ولكن الإنسان يذكر الله فيطمئن قلبه ويتذكر نعمة الله فيتفاءل ويشعر أنه مقبلٌ على خير ويحمد الله ويحسن الظنّ بالله. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: أنا عند حسن ظن عبدي بي، يعني كما تحسن الظن بالله يكون الله معك على ما أحسنت الظن به، إذا ظننت أن الله ينصرك ويوفقك وييسر أمورك ويعطيك فعل الله بك ذلك، وإن ظننت أن الله سيحرمك وأن الله سيقدّر عليك المكاره والمصائب والآلآم والمشاق فإنك ستنتظر منه ذلك. "وأنا معه حين يذكرني".
من برنامج "الحياة حلوة" على قناة الأسرة الفضائية
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[19 عز وجلec 2010, 04:15 م]ـ
ما شاء الله. بارك الله فيك وزادك من فضله.