عرض كتاب (تاريخ القراءات في المشرق والمغرب) للدكتور محمد المختار ولد أبَّاه

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Sep 2003, 08:08 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب ثمين صدر قديماً قبل عامين عام 1422هـ /2001م بعنوان:تاريخ القراءات في المشرق والمغرب للدكتور محمد المختار ولد أبّاه. وهو من منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو، ويقع في 767 صفحة.

مؤلف الكتاب:

الدكتور محمد المختار ولد أبّاه. وهو أستاذ بدار الحديث الحسنية - بالرباط - بدولة المغرب، وهو أحد أبرز الباحثين اللغويين المعاصرين في المغرب العربي، المتضلعين من علوم اللسان التراثية، الآخذين بحظ وافر من المناهج اللسانية الحديثة، الجامعين في ثقافتهم إلى الأصالة الجدة، وإلى التراث المعاصرة وذلك ظاهر في كتابه هذا الذي بين أيدينا. ومن مصنفاته غير هذا الكتاب كتاب بعنوان (تاريخ النحو في المشرق والمغرب). وهو أنفس كتاب تجده في تاريخ النحو بدون مبالغة. وله غيرها من الكتب والبحوث المنشورة.

موضوع الكتاب:

حظي علم القراءات بعناية كبيرة من العلماء المشتغلين بعلوم القرآن الكريم، في مختلف عصور التاريخ الإسلامي، وعدوه من أشرف العلوم، وأشدها ارتباطاً بكتاب الله. وقد كثر التصنيف في هذا العلم قديماً وحديثاً، وقد احتفظت لنا المكتبة الإسلامية بتصانيف شتى في هذا العلم، معظمها لا يزال مخطوطاً، وما نشر منها لم تتوفر لبعضه على وجه الإجمال شروط الدقة والتثبت في التحقيق والدراسة والنشر العلمي، مع محدودية انتشاره في البلاد الإسلامية.

وأكثر الجهود انصبت في العقود الأخيرة على نشر المصنفات المخطوطة في علم القراءات، والتحقيق العلمي لها، لكن الكتابة في تاريخ علم القراءات ظل محدوداً للغاية، ومحصوراً في نطاق ضيق، وظل هذا العلم في حاجة إلى كتابة تاريخ مفصل لمراحله التي مر بها عبر التاريخ الإسلامي الطويل.

ويعد هذا الكتاب الذي معنا هنا من أفضل المصنفات على الإطلاق إن لم يكن أفضلها في التاريخ لعلم القراءات تاريخاً مفصلاً شاملاً لجميع أجزاء العالم الإسلامي، وخاصة الجزء المغربي منه الذي ظل بعده التاريخي غائباً عن الكثير من طلاب العلم قبل هذا الكتاب. وهذا الكتاب يعتبر من الكتب ذات المنهج الموسوعي في التأليف، ومؤلفه من طبقة العلماء الموريتانين المتمكنين الذين يجمعون بين التبحر في العلوم الإسلامية والتعمق في فروعها، وبين التخصص العلمي الدقيق في أكثر من حقل من حقول الثقافة العربية الإسلامية، مع مقدرة فائقة على التأليف وفق المنهج الأكاديمي الذي اكتسبه من طول احتكاكه بالثقافة الغربية، ومن سعة معرفته بالمناهج الأوربية في البحث والدرس والتأليف، وفي التعامل مع المصادر والمراجع، وفي الموازنة بين الآراء والمقارنة بين المدارس واستقصاء الاتجاهات التي تدخل في صلب موضوع البحث وتتبع مصادرها والوقوف على مظانها.

ولذلك جاء هذا الكتاب وافياً وشاملاً وملبياً لحاجة ماسة، كان يستشعرها طلاب العلم المتخصصون في هذا الفرع من فروع العلم، خاصة ما يتعلق بالجوانب التاريخية المرتبطة بانتقال القراءات من المشرق إلى المغرب، بالمفهوم الجغرافي الواسع الذي يشمل الغرب الإسلامي كله، والتعريف بالقراء في هذا الجزء من العالم الإسلامي في مراحل تاريخية متعاقبة، وبما تركوه من مصنفات ورسائل علمية أغنوا بها المكتبة القرآنية بزاد من المعرفة يشهد لهم بعلو كعبهم في هذا الحقل العلمي على وجه الخصوص.

لقد تتبع المؤلف وفقه الله المنحى الذي سار فيه علم القراءات في المشرق والمغرب، واستقصى في تعمق البحث في سلسلة الروايات، وأفاض في الترجمة لرجالاتها، على نحو قدم به هذه الطائفة الكريمة من مشاهير القراء، تقديماً نهج فيه نهجاً سديداً، وأنار به الطريق أمام المهتمين بالقراءات بخاصة، والمهتمين بالعلوم الإسلامية بعامة.

ويشرح المؤلف في وضوح منهجي، الهدف من التقسيم بين المشرق والمغرب في تاريخه للقراءات، فيؤكد أن هذا التقسيم لا يمس جوهر موضوع القراءات، فلا توجد قراءة مشرقية وأخرى مغربية، فالقرآن الكريم نص واحد محكم لا اختلاف فيه، وطرق أدائه المتعددة تعود كلها إلى الحروف المرخص فيها كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015