كما يمكن الاعتبار بكتب الطبقات الأخرى، مع التأكد أن ما وصف به أحد القراء فيها من ضبط أو جرح يختص بالقراءات، قال الحافظ الذهبي (ت 748 هـ) في ترجمة أبي عمر الدُّوري (ت 246 هـ): " وقول الدّار قطني: ضعيف، يريد في ضبط الآثار، أما في القراءات فثبت إمام، وكذلك جماعة من القراء أثبات في القراءة دون الحديث، كنافع والكسائي وحفص، فإنهم نهضوا بأعباء الحروف وحرروها، ولم يصنعوا ذلك في الحديث، كما أن طائفة من الحفاظ أتقنوا الحديث، ولم يحكموا القراءة، وكذا شأن كل من برّز في فن ولم يعتن بما عداه " ([82]).

3 - لا يقتضي حكم أحد الأئمة على قراءة بأنها صحيحة جواز القراءة بها اليوم، لأن الحكم ربما يقتضي الصحة التي لا ترقى إلى التواتر القرآني، وربما تكون متواترة عند من حكم بها في عصره أو بلده فحسب، ثم انقطع إسنادها من قِبل المشافهة ([83]).

وثمة وجوه من القراءات رويت أو ذكرت ولم يعثر على نص إمام معتبر فيها أو فيمن نسبت إليه، والغالب فيما كان كذلك أن يكون موغلا في الشذوذ، فهو في أدنى درجاته، ولا طائل من البحث وراءه.

الفصل الرابع: الدراسة التطبيقية على الحكم على الدراسة التطبيقية على الحكم على القراءات

ستعنى هذه الدراسة بما سبق في الدراسة النظرية، ولذا اقتضى البحث أن يشتمل، كل مثال على المسائل التالية:

أ- نص القراءة المراد دراستها.

ب- مصادر القراءة والقراء الذين قرؤوا بها.

ج- الحكم على القراءة.

د- تعليل الحكم.

هـ- أهم النتائج.

* * *

المثال الأول:

أ-) غِشاوة (([84]): بكسر الغين ونصب التاء

ب- رواتها ومصادرها:

رويت هذه القراءة في جميع أنواع مصادر القراءات عدا المصادر التي تضمنت القراءات المتواترة المقروء بها.

وفيما يلي ذكر المصادر التي وردت فيها والقراء الذين قرؤوا بها:

1 - المصادر التي تضمنت القراءات التي توفرت فيها شروط الصحة إلا أنه انقطع إسنادها من جهة المشافهة بها، وعزتها إلى المُفضَّل الضَّبّي (ت 168 هـ) عن عاصم بن أبي النَّجود (ت 127 هـ) ([85]).

2 - المصادر التي تضمنت القراءات دون مراعاة لشروط الصحة، وعزتها إلى المُفضَّل، (ت 168 هـ) وأبَان بن يزيد عن عاصم، وحفص (ت 180 هـ) وشعبة (ت 193 هـ) من بعض طرقهما عن عاصم أيضا، وأبي حيوة شريح بن يزيد (ت 230 هـ) وإبراهيم بن أبي عبلة (ت 151 هـ).

3 - المصادر التي تضمنت القراءات الشاذة، وعزتها إلى المفَّضل وابن أبي عبلة المذكورين في المصادر السابقة، وإلى الحارث بن نبهان عن عاصم ابن أبي النجود، وشعبة من طريق يحيى بن آدم (ت 203 هـ) وغيره عن عاصم ([86]).

جـ- الحكم على القرآءة:

قراءة) غشاوةً (([87]) نصباً شاذّة.

د- التعليل: وقع حكم الشذوذ على هذه القراءة من جهة إسنادها، وذلك من عدة وجوه:

1. انقطاع إسنادها على وجه المشافهة.

2. تفرّد المفضَّل الضبِّي بروايتها في المصادر التي اشترطت الصحة، وما تفرّد به عن عاصم فهو شاذّ ([88]). لأنه ضعيف في القراءات ([89])، قال ابن الجزري: "تلوت بروايته القرآن من كتابي المستنير لابن سِوار والكفاية لأبي العزّ وغيرهما مع شذوذ فيها " ([90]).

3. ورودها في غير مصدر من كتب الشواذّ.

أما من حيث الرسم والعربية فهي موافقة لهما، ووجهها في اللغة العربية على تقدير وجعل على أبصارهم غشاوة ([91]).

هـ- أهم النتائج:

1. ليس كل ما يروى عن القراء السبعة أو العشرة أو عن أحد من رواتهم يكون متواتراً، فهذا عاصم وراوياه:

شعبة وحفص رويت عنهم هذه القراءة وهي شاذة، لكن ثبت عنهما الوجه المتواتر في المصادر التي اشتملت على المتواتر.

2. اشتمال الكتب التي اشترطت الصحة على قراءات لا يقرأ بها اليوم، ومنها السبعة لابن مجاهد (ت 324 هـ) ([92]).

المثال الثاني:

أ-) ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج (([93]) بزيادة " في مواسم الحج ".

ب- رواتها ومصادرها:

وردت هذه القراءة عن بعض الصحابة والتابعين في عدد من مصادر القراءات والحديث والتفسير، وغيرها، وفيما يلي ذكرها:

1. مصادر القراءات: وردت في بعض الكتب المختصة بالشاذة، و عزتها إلى ابن عباس

(ت 68هـ) رضي الله عنه وعكرمة (ت 106 هـ) وعمرو بن عبيد (ت 144 هـ) ([94]).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015