ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Jun 2003, 02:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فأريد في هذه الزاوية أن نتطارح في هذا الملتقى المبارك همًّا مشتركًا بين طلاب الدراسات العليا وأساتذتهم، وأرجو أن يكون النظر إلى هذا الموضوع نظر تصحيح وتقويم وتطوير، إذ ليس المراد منه نقد جهة بعينها أو توجيه النقد إلى وضعٍ قائمٍ، وإنما أريد أن نطرح أفكارًا يستفيد منها من يقوم بالتدريس في الدراسات العليا، وأرجو أن يكون هذا الملتقى فاتحة خير لموضوعاتٍ أكبر تُسهِم في الرقي بعلوم القرآن ودارسيه، والله ولي التوفيق.
وأرجو أن يكون الحديث حول النقاط الآتية:
- كيفية قبول الدارسين للدراسات العليا.
- كيفية التدريس في الدراسات العليا.
- الموضوعات التي يُقترح تدريسها، وكيفية تدريسها.
- كيفية دراسة الموضوعات وتحقيق المخطوطات.
وغير هذه مما يدخل في محيط الدراسات العليا والبحث العلمي.
وأرجو أن لا نُعدَم مشاركة أساتذتنا وإخواننا ممن مرَّ بهذه المرحلة، وكانت له تطلعات يتمنى لو وجدها، فحيَّهلا بكم في هذه الزاوية التي يراد لها أن تكون زاوية بناء وتقويم، وأسأل الله لي ولكم السداد والتوفيق.
وإني سأبدأ بطرح بعض الأمور، ومنها:
أولاً: احترام العقل بين الدارسين وأساتذتهم.
إني أرى أنَّ هذه المسألة من أهم المسائل ـ إن لم تكن أهمها ـ التي يمكن أن يبني فيها الأستاذ جسور الثقة والتفاعل البنَّاء بينه وبين طلابه، فيمكنه الاستفادة منهم فيما يطرحون، ويكون متلقيًا منهم فوائدهم، كما يتلقون منه، بل أرى أن يستحثهم على إبراز ما عندهم من الفوائد والإبداعات، فالعلم ليس حكرًا على من وصل إلى مرتبة الدكتوراه، ولا مرتبة الأستاذية، وكم تعلم الكبير من الصغير، وتاريخ السلف يزخر بأمثلة لا حصر لها.
إنَّ تحقيق هذه المسألة في الأستاذ تريحه من تعالى النفس عن تقبل النقد، وتُكسبُه ثقة طلابه، وتكسر بينهم حاجز التعلم، فتجدهم يتعلمون ما عنده وهم مستمتعون راغبون.
وتحقيق هذه المسألة يكشف ما عند الطلاب من إبداعٍ لا يمكن أن يخرج من دون رعاية حانية تصوِّبه، وتدله على طريق السداد العلمي.
ثانياً: من أكبر الأهداف الرئيسة التي هي مرادة من الدراسات العليا هو تخريج باحثين قادرين على البحث العلمي.
لذا فإن تحقيق هذه الهدف يتمُّ بأمورٍ، منها:
1 ـ أن تكون قاعات الدراسات العليا قاعة بحث ومناقشة، لا قاعات تلقينٍ وإملاء.
ويمكن تحقيق هذا بأمور متعددة يمكن للأستاذ أن يتفنن فيها مع طلابه، ومنها:
أ ـ أن يُحدَّد الموضوع من عدة مراجع يتقاسمها الطلاب، ويلخصون أفكار كل مرجع منها، ثمَّ يتداولون هذه الأفكار بالنقاش في المحاضرة اللاحقة، وبهذا تكون المعلومة سيدة الموقف، فيتناقش الأستاذ وطلابه في هذه المعلومات، وهو يدير النقاش ويصوب معهم ما يراه صوابًا، ويذكر ما يراه محتملاً، وينبه على ما يحتاج إلى تحرير في نظره، ... وهكذا.
ب ـ أن يطلب من أحد الطلاب إعداد موضوع اللقاء القادم، ويطلب من الآخرين مراجعة الموضوع لمناقشة ما سيطرحه زميلهم في لقائهم القادم، ويكون معهم مديرًا للحوار.
ج ـ أن يحدد كتابًا يقرأ منه على طلابه ويتناقشون في ما طرحه من أفكار.
ويمكن تلخيص فوائد هذه الطرق في المناقشة وإدارة الحوار بما يأتي:
ـ إعداد الدارسين لقيادة الحوار الهادف.
ـ تنمية المهارات الحوارية في الدارسين، وتنشئة عقلية فكرية قادرة على الحوار، واتخاذ القرار في البحوث العلمية.
ـ تعويد الدارسين على قبول رأي الآخرين فيما يكون من مجالات الاجتهاد.
ـ إتاحة الفرصة للدارسين للإعداد النقدي للمادة العلمية التي سيناقشونها، خصوصًا إذا قُرِّرت موضوعات المحاضرات، ووزعت على الزمن الدراسي.
2 ـ أن تكثَّف مادة البحث، ويزاد في ساعاتها بما يخدم التخصص، وهذه المادة ـ فيما أرى ـ مادة حيوية جدًّا، يمكن للأستاذ أن يبدع فيها إلى حدود كبيرة لا منتهى لها.
إذا خرج الأستاذ في هذه المادة من ربقة ما كُتب في مادة البحث،وأراد أن لا تكون مادة تلقين، يشرح لهم كيفية إعداد بطاقات البحث ... الخ، وتطلَّع إلى إدخال التجارب الحيَّة، فإنه سيجد عددًا من الأفكار، منها:
أ ـ أن يَدْرُسَ مع طلابه بعض الخطط التي قُدِّمت للقسم وقُبِلَت، ويدرس معهم بعض الخطط التي قدِّمت ولم تُقبل، فيطلب منهم أن يدرسوا هذه الخطط ويقوِّموها، وبعد ذلك يضعون مرئياتهم حولها.
ويكون بهذا قد أفاد طلابه في كيفية إعداد الخطة، وفي التعلم على مناهج عملية متعددة في وضع الخطط.
ويمكن أن تكون الخطط متنوعةً، فخطة لتحقيق كتاب في التفسير، وخطة لتحقيق كتاب في علوم القرآن، وخطة لدراسة منهج مفسر، وخطة لبحث موضوع ... الخ.
ب ـ أن يتفق مع بعض زملائه الذين في القسم فيطلب منه أن يحضر فيف أحد ساعات المادة ليلقي على الطلاب فكرة عن بحثه، وعن طريقته التي سلكها، وأن يقدم نصائح لهم في مجال البحث.
كما يطلب من طلابه أن يُعدُّوا لهذا اللقاء بقراءة بحث الدكتور الذي سيأتيهم.
وتأمل كم هي الفوائد التي سيجنيها هؤلاء الطلاب لو حضر لهم في الفصل الواحد ستة أعضاء يعرضون بحوثهم عليهم، ويتناقشون في همومهم البحثية المشتركة.
ج ـ أن يطلب منهم إعداد خطة لبحث مقترح، ثمَّ يتداولون أراءهم التي توصلوا إليها في إعدادهم للخطة.
ويمكن أن يكون البحث المقترح من الخطط التي قُبلت في القسم، بحيث يحضرها معه، ويتداول معهم أوجه الاختلاف التي ذكروها مما هو ليس في الخطة المقبولة.
د ـ أن يقوموا بالموازنة، ورصد أوجه الاختلاف بين تحقيقين لكتاب واحد من كتب التخصص.
هذا، وستأتي بقية ما لدي، وأرجو من الإخوة طرح آرائهم في هذه القضايا، لتكون مرجعًا يستفاد منها، والله ولي التوفيق.
¥