ـ[طارق منينة]ــــــــ[22 عز وجلec 2010, 12:20 ص]ـ
بدأ طه حسين جرأته على المقدسات بكتابه "في الشعر الجاهلي"، عام 1926م، ثم بعدها بسنوات بدأ بنشر روايته "على هامش السيرة"، 1933م، وقبل كتابته هذه الرواية كان قد أنكر أن يكون القرآن مرجعا تاريخيا لقصص الأنبياء كما أشار العلماني نصر أبو زيد، فقد ذهب إلى "اعتبار القرآن مرجعا تاريخيا بالنسبة للحياة الجاهلية، وإنكار المرجعية نفسها بالنسبة لقصص الأنبياء، وهذا الإنكار الأخير هو القشة التي قصمت ظهر البعير" (النص، السلطة، الحقيقة، لنصر أبو زيد، المركز الثقافي العربي، 1995، ص32). فكأنه يرفض الصدق القرآني وأن يكون القرآن مرجعا تاريخيا حقيقيا لقصص الأنبياء في الكتاب الأول. أما في الكتاب الثاني، فقد تلاعب بالسيرة النبوية وكأنه يرفض قبولها، كما هي، مرجعا حقيقيا لسيرة الرسول اللهم إلا قبولها بشكل عاطفي بعيدا عن النقد العقلي والعلمي لها أو بعيدا عن إضافات وتخرصات المستشرقين وسيناريوهاتهم المختلقة والتي حاول أن يدس بعض مواقفها من تاريخ النبي في "على هامش السيرة"! يقول غالي شكري (من كبار العلمانيين): "جاء طه حسين بما يشبه "الضربة القاضية" ليقول: ان العاطفة الدينية والوجدان الروحي ومعتقدات السلف لا علاقة لها بالعلم وقوانينه وتجاربه ورؤاه ومقدماته ونتائجه. وإذا كان كل إنسان ينطوي على هاتين الشخصيتين، العاطفية والعقلية، فإن العالم حين يبحث لا يعتمد سوى العقل وبالتالي الشك، بل نسيان العواطف القومية والدينية (!) لذلك كان كتابه -من بعض النواحي- أول مساس بالإسلام" (النهضة والسقوط في الفكر المصري القديم لغالي شكري، الهيئة العامة المصرية للكتاب، 1992، ص253). فهو كما قال غالي شكري قد تجرأ "على اقتحام المقدسات" (النهضة والسقوط، ص251)، كما أنه بكتاباته تلك حاول إحداث "أول مساس بالإسلام"، فيما يسمى بعصر النهضة العربية العلمانية الحديثة.
ينبغي أن يضع القارئ النص التالي أيضا نصب عينيه، وهو لعلماني مخضرم هو خليل أحمد خليل فهو يصف مشروع طيب تيزيني بقوله: "الواقع أن مشروع نقد التراث في الفكر اليساري العربي، والماركسي خصوصا، موضوعه الأخير "هو نقد الفكر الديني" من جهة العلم والعلمانية، أم من جهة الجدل والمادية. الدكتور طيب تيزيني يتمم الجزء الرابع من مشروعه لرؤية جديدة بنقد (!) التجربة الإسلامية المبكرة (!)، وتخصيص البحث باتجاه السيرة النبوية" (موسوعة أعلام العرب في القرن العشرين، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 2001، ص217). وهكذا اجتمع النقد على النقد أو الخيال على الخيال والكيد على الكيد لهدم النبوة والنبي كما فعلته أوروبا مع المسيح والمسيحية!
لننظر كيف جمع طيب تيزيني بين تلاعبات طه حسين وتخرصات الإستشراق وإضافاته هو أيضا واستخلاصه من ذلك سيناريو غاية في الطيش والتسرع النقدي في زمن العلو الماركسي في النصف الأخير من القرن المنصرم. يقول: "ما نقله لنا طه حسين من أن (النبأ العظيم-الإسلام) لم يكن حدثا فرديا يتصل بشخص محمد، أو بمجموعة حوله من أقاربه وأصحابه بالدرجة الأولى، وإنما كان أولا وبصورة رئيسية حدثاً "عالميا" بمقاييس العصر آنذاك، أو أنه على الاقل كان حدثا أكثر من محلي. فطه حسين يورد حوارا بين ورقة ورجل يوناني، أتى مكة من الإسكندرية، سرا، تحت وطأة ملاحقة السلطة الرومانية له هناك، وذلك بهدف الاطلاع على الوضع في مكة (!)، كذلك بغية إطلاع ورقة وغيره من المكيين النصارى الحنيفيين على آراء أصحابه في (الإسكندرية وغيرها من مدن الروم). وفي هذا (!) الحوار، تبين وجود (!) مؤسسة مركزية تقوم على تنظيم الدعاوة الدينية في بيزنطة والحجاز، وبلدان أخرى، كما تلزم أتباعها "بأوامر" لا يجوز لها التنكر لها وإهمالها، وقد أوردنا سابقا رأياً يرى صاحبه -وهو هرشفيلد- أن محمدا كان على صلة بمعلمين نساطرة. من هنا وتأسيسا على ما تقدم نجد أنفسنا أمام ما ألمحنا إليه في سياق سابق، وهو ضرورة ترجيح النظر إلى زواج خديجة بمحمد على أنه -بأحد إعتباراته- كان زواجا سياسيا بقدر ما كان دينيا خطط له على نحو محكم ومديد، وهذا بدوره يحيلنا إلى الآية القرآنية التالية التي قد تنطوي على دلالة محورية (!) بالنسبة
¥