طريق استدراج امرأة له -وهنا أشم رائحة الأساطير البيزنطية المتراكمة المتعفنة تاريخيا! - ليتزوجها ليدخل في دائرة الرصد والتصنيع التنظيمي الخارجي، وكأنه تنظيم ماركسي في عقل تيزيني! لم يشعر تيزيني بتعارض فكرة الحلم أو المشروع القرشي مع الحلم أو المشروع البيزنطي، لكنه شعر بتناقضه في جعل "دعوة محمد صلى الله عليه وسلم" تحقيقا لدعوة خصومه من قريش، فحاول سد الثغرة بقوله بأنها "وإن بدت لفترة ما مناوئة لذلك المشروع فإنها خضعت له في نهاية المطاف بمثابته المشروع الإستراتيجي الكبير"!!! (ص 196)، مع أن الذي خضع في النهاية هو قريش، وقد آمنت بالإسلام الذي هدم تطلعاتها المادية، وتصوراتها العصبية، والتي انتقل أفضل رجالاتها وقادتها من النقيض إلى النقيض، من الكفر إلى الإيمان، بعد أن حاربت الإسلام لعقود أو لسنوات، واضطهدت المؤمنين وطاردتهم، وقد سجل القرآن وقائع الحرب على الإسلام بما لا يدع لأحد مجالا للشك في اختلاف دعوة القرآن عن أهداف قريش والقبائل المحاربة للرسول، لكن يبدو أن عقل تيزيني، وهو يشتغل غلاًّ وحقداً بالتلفيقات، لا يبالي بكمّ التناقضات والغرائب التي تلفها .. لا يعنيه تناقضها الداخلي بقدر عنايته بصب زيت الأهواء الثقيلة في أتون المحرقات المادية الجدلية التي رأيناها أخيرا -فلسفة وواقعا- تحطم نفسها، وتأكل ذاتها بعد سقوط أساطيرها الأصلية الماركسية، وفي التعديلات الفاضحة عليها، بل والمناقضة لفكر رجالاتها الأوائل!

هنا يمكننا فتح قوسين فنقول: هل سرق خليل عبد الكريم أفكار طيب تيزيني وعدّل فيها، سواء أكانت فكرة خضوع خديجة لأوامر خارجية للزواج من محمد، أو تطويعه لتنظيم أو لمشروع!؟

دعوني أقول إن إلهام خليل في أساطيره عن النبي كان تيزينياً، وأما في سخريته من النبي فكان كتاب "ذهنية التحريم" لصادق جلال العظم، وتحريضه. لاشك أن عملية التبني والاستلهام للأكاذيب العلمانية والاستشراقية عن الرسول والقرآن (تحوير -تعديل- دمج- تلوين) تجري اليوم بصورة شديدة المكر، وفي غفلة من أغلب القراء، وهي تجري على قدم وساق في البيئة العلمانية العربية المقلدة حتى النخاع والأذقان والأمخاخ، وبمشروعنا هنا نعمل على تفكيكها وفضحها؛ لأنها كما قال منير شفيق في كتابه في "الحداثة والخطاب الحداثي" (المركز العربي الثقافي، ط1، 1999، ص29) هي الوجه الفكري للاستعمار، فإن ما جرى في المجالات الاقتصادية السياسية والعسكرية "حدث مثله تماما في المجال الحضاري والثقافي والإيديولوجي كذلك"

وقد رأينا هنا كيف عدّل تيزيني فكرة مونتجري وات -صاحب التفسير الاقتصادي المادي للإسلام- عن المشروعين الملفقين، ليصيرا عند تيزيني مشروعا ماديا واحدا (داخل التفسير المادي الجدلي!)، فما أرادته قريش وحلمت به حققه محمد-صلى الله عليه وسلم- بزعمه!، كما رأينا كذلك تعديل هشام جعيط لمسار أسطورة تور أندري (القس السويدي!!) .. مع ملاحظة أن (العلماني هنا انطلق من خيال قسيس! فهي دائرة مغلقة من الأهواء) فجعيط انطلق من تور أندري لا من وقائع تاريخية، بدليل اعتراف جعيط نفسه، بل وزيادة على ذلك أقول: إن جعيط لم يقرأ تور أندري أولا، إلا من خلال أطروحة "طيب تيزيني" الخاطئة الكاذبة -والأمر شبيه بقراءة خليل عبد الكريم لتيزيني عن مشروع وتنظيم المؤامرة، فلولا تيزيني ما ظهر خليل هذا الظهور، ولولا تور أندري وإشارة تيزيني ما ظهر مشروع جعيط للسيرة! - ويمكن القول إن هشام جعيط سرق زعم طيب تيزيني القديم (فتوقيت وزمن أطروحة تيزيني كان 1994) عن تأثير المسيحية السورية على "القرآن" الأولي، واحتجاج تيزيني في ذلك بفكرة تور أندري كما أشار (فالتأثير يمر من أندري إلى تيزيني هذه المرة!) (انظر مقدمات أولية ص 370)، فتلقفها جعيط بعد أن أعجبته الفكرة وزعم الاقتباس والتأثير، وصنع منها بحثا ضخما هو كتابه (تاريخية الدعوة المحمدية في مكة، 2007) وأراد أن ينفرد به، وكأنه مبدع في الاتهام مع اعترافه بفراغ اليد من الدليل!! ومع أن تيزيني أفرد للفكرة (المقتبسة بدورها من تور أندري!) صفحة واحدة فقط، إلا أن جعيط حوّر في أسطورة أندري، وحوّل مسار التأثير، فنسب للرسول ما لم ينسبه أندري نفسه، وذلك في كتاب ضخم يفتخر به العلمانيون والمسيحيون في مواقع الإنترنت، مع أنها معتمدة كلها على الخيال والأهواء!

إن أصل افتراءات خليل عبد الكريم وهشام جعيط أُخذت "مُصَغّرة" من طيب تيزيني، ثم نُفخ فيها وكُبرت وحُورت، وادعى أصحابها أنهم لم يُسبقوا إليها! .. وهذا يشبه من وجه تعديل العشماوي وسيد القمني بعد اقتباس لأسطورة فرويد عن النبي موسى، وقد شرحتُ ذلك في كتابي أقطاب العلمانية (2) وهكذا فإننا نرى المشهد مثيرا للغثيان، فالمصدر المخترع لـ"مسارات" الافتراءات "علماني غربي" تمتد نتفه وعروقه إلى تاريخ الحقد البيزنطي، والتعديل والتلوين والتقليد والسرقة والانتحال "عربي طفولي ساذج" بل الطفل بريء بخلاف سارق ألاعيب الاستشراق وتضابيره وأضاليله.

إن أهم سقطة وقع فيها طيب تيزيني هو نسجه أسطورته من تلاعبات طه حسين الروائية الأسطورية. فلننظر كيف تم حبك السيناريو، لنرى على أي أساس اعتمد فيلسوف المادية التاريخية العربي والكاتب في جريدة الاتحاد الإماراتية، والبالغ الآن من العمر أرذله!؟

http://www.assabeelonline.net/ar/default.aspx?xyz=U6Qq7k%2bcOd87Mعز وجلI46m9rUxJصلى الله عليه وسلمpMO%2bi 1s7H98hkzصلى الله عليه وسلمرضي الله عنه%2fZMhT9JtqggvtTwexZz8lc53S5XF6صلى الله عليه وسلمy17QKxb OqY6IhYFmdc%2fHaXeJqgnصلى الله عليه وسلمXصلى الله عليه وسلمhG5QSP%2f5ib6rmIpl7gIkzFY CtWT7zJGG0mعز وجلcd1g%3d

طور بواسطة نورين ميديا © 2015