محاضرة (تحقيق النصوص) للأستاذ الدكتور / أحمد الخراط. مكتوبة

ـ[تبيان]ــــــــ[14 Jan 2010, 05:49 م]ـ

شرف الأستاذ الدكتور / أحمد الخراط جمعية تبيان يوم الثلاثاء 5/ 1 / 1431هـ في لقاء علمي متميز بعنوان (تحقيق النصوص - علم وفن)

ونظرا لرغبة كثير من الباحثين في الاستفادة من هذه المحاضرة قام الدكتور / أحمد الخراط مشكورا بكتابة هذه المحاضرة.

وهي موجودة في موقع الجمعية مكتوبة، ومسموعة.

http://www.alquran.org.sa/

ـ[منصور مهران]ــــــــ[24 Jan 2010, 11:58 م]ـ

جاءت محاضرة الدكتور أحمد محمد الخراط في الوقت الذي ندر فيه وجود المحقق الواعي والمدقق المتنبِّه، ولست أقول ذلك كاليائس من حال المحققين، أو الطاعن في كل تحقيق تلقته العيون في زماننا هذا؛ بل أصف ما تعرضه دور النشر من أعمال المحققين.

وكان المأمول من مثل هذه المحاضرات والكتب المتخصصة في هذا المجال أن تكون لها ثمرة يانعة في همم الطلاب وأساتذتهم الذين وهبوا أنفسهم لإحياء تراث أمتنا الحائرة بين قوة الانبعاث من جذورها وقوة المسخ لأصولها، فقد أتلقى في يوم عشرين كتابا طرحتها المطابع لا أكاد أجد فيها كتابا - مؤلفا أو محققا - جديرا بالنظر والقراءة فضلا على الاقتناء، وقد أتلقى كتابا واحدا أحسن كاتبه أيما إحسان حتى أجدني لا أغمض العين دونه إلا بعد بلوغ عصارته أقصى عقلي ووجداني. والكتب والناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة.

قرأت هذه المحاضرة بعناية لما أظنه في مُلقِيها من جدٍّ فيما يتناول من عمله في التحقيق والتأليف، ولكن استوقفتني أمورٌ تخيرتُ منها ما هو ضروري بالنظر والمراجعة لئلا يقع قول الأستاذ المحاضر موقع التسليم ممن يتلقون مثل هذه المحاضرات تعلما أو تثقيفا، من ذلك:

1 – أن الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة في تحقيقه لمقتضب المبرد، والدكتور رمضان عبد التواب في جميع منشوراته: يمثلان مدرسة (التفصيل في التعليقات وخدمة النص).

ولنا أن نتساءل عن أي تفصيل يتحدث الأستاذ المحاضر؟

ففي المثال الأول جاءت تفصيلات الشيخ عضيمة للربط بين كتاب سيبويه وبين كتاب المقتضب لأن مؤلف المقتضب متأثر بكتاب سيبويه تأثرا كبيرا، وقد تغلغل تأثير سيبويه في أعماق المقتضب؛

لذلك حرص الشيخ عضيمة – رحمه الله – على سَوْق نصوص من كتاب سيبويه يعلِّق بها على ما المقتضب حتى يتبين القارئ مواضع التوافق بين الكتابين، ومواضع انفراد كل منهما برأي مؤلفه، وزد على ذلك تعليقات التحقيق والتوثيق، فنما كلام المحقق واتسع تفصيلا وتوضيحا، فليست طريقة الشيخ عن مَدْرَسَةٍ من مدارس الأستاذ المحاضر، وإنما هي طريقة أملتها طبيعة الكتاب، وكنا نسمع من أقطاب هذا الفن أن لكل كتاب طريقَتَه واحتياجاتِه من عمل المحقق ولا يقال عندئذ: إن لكل محقق كتابٍ مدرسة من مدارس التحقيق، وما قالوه عن مدارس التحقيق هو في حقيقته نوعٌ من التقريب والتمثيل.

وأما سِمة أعمال الدكتور رمضان عبد التواب – رحمه الله – فهي التوسع في تخريج الشواهد وقد يستغني النص ببعض ذلك التوسع، فخدمة النص أحوج إلى ضبط النص وإحسان قراءته من التوسع في تخريج الشواهد.

وكنت يوما أستمع إلى شيخنا محمود محمد شاكر – رحمه الله – ينتقد عمل الدكتور رمضان في كتاب البئر لابن الأعرابي وهو في الأصل صفحات معدودات صارت بعمل المحقق مائة صفحة تزيُّدا لا يكون جميعه خدمة للنص.

2 - وعند حديث الأستاذ المحاضر عن عمل المحقق الدكتور محمود محمد الطناحي – رحمه الله - في كتاب النهاية لابن الأثير، عدَّه من مدرسة الاختصار (ولست أقر بهذه القسمة وهذه الصفة) لقلة التعليقات التي يراها المطلع على كتاب النهاية،

وأقول:

كتاب النهاية لابن الأثير صدر منه ثلاثة أجزاء بتحقيق رجلين أولهما الأكبر سنا وتجربة هو العالم الليبي طاهر أحمد الزاوي، والثاني هو الطناحي، وأصدرت الكتاب دار إحياء الكتب العربية: عيسى البابي الحلبي وشركاه سنة 1383 – 1963، وكان الزاوي رئيسا لقسم التحقيق في هذه الدار العريقة، والطناحي يومئذ مصحح متمرس في الدار نفسها، ومن الزاوي تعلم الكثير من هذا الفن، ثم انفرد الطناحي بالجزء الرابع والجزء الخامس.

ويُلاحظ أن الطناحي عند الشروع في معاونة الزاوي آنذاك كان طالبا في كلية دار العلوم وتخرج ولم ينتهيا من تحقيق الكتاب، وتم الكتاب وصدر بعد تخرجه بشهور قلائل.

فالطناحي المصحح المتدرب على التحقيق يومئذ غير الطناحي الأستاذ الدكتور الذي حقق أمالي ابن الشجري وكتاب الشعر لأبي علي الفارسي وأحد عشر كتابا أخر.

فكيف يجوز نسبة المحقق إلى طائفة المحققين وهو مبتدئ لم تكتمل لديه أسباب الصناعة؟

وكيف يُنسَب إليه عملٌ هو شريك فيه ولم يقم به منفردا؟

أليس لشريكه رأيٌ في خطة التحقيق؟

لماذا لم يختر الأستاذ المحاضر كتابا حققه الطناحي في مرحلة النضج فينظر إلى أي الطرائق يُنسَب هذا المحقق الفحل؟

كنت أرجو أن يحكم الأستاذ المحاضر بعين الإنصاف، ومع ذلك فله مني التحية والتقدير.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015