ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[05 Jan 2010, 01:55 ص]ـ
قال الله تعالى في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8))
في هذه الآيات موجز أصول التعامل مع الأخبار سيما التي تناقض ما عليه الأصل العام من السلامة، فإن كان الأصل العام الاتهام فسمة التعامل فيه في حديث:"من تتهمون؟ ".
قوله تعالى: (فتبينوا) جاء في قراءة أخرى صحيحة (فتثبتوا) وليس بينهما ترادف، ولكن تلازم أدى مفاد الترادف بأبلغ منه.
فإن التثبت منهج علمي ينتهي بنتيجة التبين، ومن لم يتبين لم يتثبت بمنهج سليم
وعليه فمن تثبت بمنهج سليم وفق للتبين الحقيقي باللازم
من هنا بدأ منهج المحدثين النقاد بالكشف عن الأسانيد وسلامة طبقاتها من حدوث غير الأصل فيهم، ومن سلامة الأسانيد والمتون من مستجدات الخطأ بسبب فوات المنهج السليم بالتلقي أو الأداء أو النقد للمروي والله أعلم
هذه الآيات أصلت المبدأ من حيث واجب التحري في الدين عند المستجدات بقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)
والتأصيل جاء بملخص سنته الفعلية صلى الله عليه وسلم مع الأخبار التي تنقل إليه وما يشار إليه يفعله بناء عليها بالتثبت والتبين المستلزمين لبعضهما من منهج ونتيجة تابعة للمنهج
فكان منهجه صلى الله عليه وسلم تيسيرا على الأمة إذ لو نهض لكل ما يقال قبل التزام المنهج والتحقق من النتيجة لوقع المجتمع في العنت
ومعنى (حبّب) أمرهم بالالتزام بالإيمان تحببا لله في الطاعة وهو الإحسان في الالتزام وتحري الصلاحيات في موضعها وعدم الافتئات رحمة من الله بالأمة
ومعنى (كرّه) أمركم بترك الكفر والفسوق والعصيان التزام قناعة مستقرة في النفس لا كما فعل الذين نتق الجبل فوقهم كأنه ظلة والله أعلم
ثم النتيجة قال (أولئك هم الراشدون)
بعد ذلك امتن الله علينا بهذا المنهج فقال: (فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Jan 2010, 06:49 ص]ـ
بارك الله فيكم.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[05 Jan 2010, 10:40 ص]ـ
شكر الله لكم وأثابكم
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[07 Jan 2010, 02:52 م]ـ
بارك الله فيكم ..
ما ذكرتم صحيح، إلا أنني لا أرى أن من وفق للتثبت وفق للتبين، إذ قد يوفق الإنسان للتثبت فيصح عنده الخبر، لكنه لا يوفق ولا يهتدي إلى وجه الصواب فيه، وقد أوضحت ذلك في حديثي عن القاعدة (26) في برنامج: "قواعد قرآنية"،وهذا ملخص ما قيل هناك ـ بعد أن قررت معنى القراءة التي نقرأ بها:
"وجاء في قراءة سبعيّة: {فتثبتوا} وهذه القراءة تزيد الأمر وضوحاً، فهي تأمر عموم المؤمنين حين يسمعون خبراً أن يتحققوا بأمرين:
الأول: التثبت من صحة الخبر.
الثاني: التبيّن من حقيقته.
فإن قلتَ: فهل بينهما فرقٌ؟
فالجواب: نعم، لأنه قد يثبت الخبر، ولكن لا يُدْرى ما وجهه!
ولعلنا نوضح ذلك بقصة وقعت فصولها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مسجده ليوصل زوجته صفية رضي الله عنها إلى بيتها، فرآه رجلان، فأسرعا المسير فقال: على رسلكما إنها صفية.
فلو نقل ناقل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمشي مع امرأة في سواد الليل لكان صادقاً، لكنه لم يتبين حقيقة الأمر، وهذا هو التبين.
وهذا مثال قد يواجهنا يومياً: فقد يرى أحدنا شخصاً دخل بيته والناس متجهون إلى المساجد لأداء صلاتهم.
فلو قيل: إن فلاناً دخل بيته والصلاة قد أقيمت، لكان ذلك القول صواباً، لكن هل تبين سبب ذلك؟ وما يدريه؟! فقد يكون الرجل لتوه قدم من سفر، وقد جمَعَ جمْع تقديم فلم تجب عليه الصلاة أصلاً، أو لغير ذلك من الأعذار.
وهذا مثال آخر قد يواجهنا في شهر رمضان مثلاً:
قد يرى أحدنا شخصاً يشرب في نهار رمضان ماءً أو عصيراً، أو يأكل طعاماً في النهار، فلو نقل ناقل أنه رأى فلاناً من الناس يأكل أو يشرب لكان صادقاً، ولكن هل تبين حقيقة الأمر؟ قد يكون الرجل مسافراً وأفطر أول النهار فاستمر في فطره على قول طائفة من أهل العلم في إباحة ذلك، وقد يكون مريضاً، وقد يكون ناسياً، ... الخ تلك الأعذار" انتهى المقصود.
وللمزيد، فعلى هذا الرابط:
http://www.almoslim.net/node/119826
¥