ـ[بنت شادية]ــــــــ[28 عز وجلec 2009, 12:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته ..
د. مساعد الطيار
لدي استفسار في كتاب " المحرر في علوم القرآن " الذي من إعداد سعادتكم , الطبعة الأولى 1428هـ - 2006م , دار ابن الجوزي.
حول ما استدل به من ذهب إلى أن الترتيب بالإجتهاد في موضوع ترتيب السور في الفصل الرابع ص 206 , وهو ما رواه يزيد الفارسي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " قلت لعثمان رضي الله عنه ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني , فقرنتم بينها , ولم تجعلوا بينها سطراً فيه بسم الله الرحمن الرحيم , ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما ينزل عليه من السور التي يذكرها فيها كذا وكذا , فإذا أنزلت عليه الآيات يقول: ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا , فإذا نزلت عليه السورة يقول ضعوا هذه في موضع كذا وكذا , وكانت الأنفال أول ما أنزل عليه بالمدينة , وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً , وكانت قصتها تشبه قصتها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين أمرها , فظننت أنها منها , من أجل ذلك قرنت بينهما , ولم أجعل بينهما سطراً فيه بسم الله الرحمن الرحيم , ووضعتها في السبع الطوال " أخرجه أحمد (57:1) وأبو داود برقم (786) والترمذي برقم (3086).
واستفساري: لماذا جيء بهذا الحديث هنا , مع أن هذا الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه الأصح أن نعتبره من الأدلة على أن ترتيب السور والآيات بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وليس بالإجتهاد كما هو موجود , وهذا الرأي أنقله عن أستاذتي في دراسة مادة علوم القرآن , والشاهد في الحديث: "فإذا أنزلت عليه الآيات يقول: ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا ...... ".
جزيت خيراً ..
ـ[عصام العويد]ــــــــ[29 عز وجلec 2009, 03:02 ص]ـ
عذرا لكن أحببت الإفادة فقط:
هذه هو موطن الاستدلال: " فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين أمرها , فظننت أنها منها , من أجل ذلك قرنت بينهما "
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 عز وجلec 2009, 06:38 ص]ـ
اعتراض الأخت في محله فالأثر دليل على أن ترتيب السور كان المرجع فيه هو النبي صلى الله عليه وسلم:
"فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين أمرها"
دليل على أن البقية قد تبين موضعها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 عز وجلec 2009, 05:20 م]ـ
ملحوظة جيدة، لكن لو نظرت إلى ترابط الكلام منذ البداية لبان لك الموضوع:
أولاً: ذكرت أن بعضهم يجعل المذاهب ثلاثة، والثالث منها: من يرى أن بعضه توقيفي وبعضه اجتهادي.
وهذا يؤول إلى القول الثاني، وهو أن الترتيب كان باجتهاد الصحابة.
ولأجل هذا دمجت احتجاجهم، والحديث احتج به من يرى أن بعضه اجتهادي وبعضه توقيفي.
ثانيًا: قد علقت عليه بعد ذلك:
((ويلاحظ أن أصحاب هذا القول لا يخالفون في أنَّ بعض الترتيب الموجود كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم بدلالة الأحاديث الدالة على ذلك، لكنهم يرون أنَّ شيئًا منه كان بالاجتهاد، على خلاف في هذا المقدار، فبعضهم يرى أنه مرتب كله إلا الأنفال والتوبة، وبعضهم يستثني المئين، وهذا ما جعل الزركشي (ت: 794) يذهب إلى إن الخلاف بين الفريقين لفظيٌّ، فقال: ((والخلاف يرجع إلى اللفظ؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: إنما ألَّفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم؛ مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي أو بمجرد استناد فعلي، وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر؟)) (1).
وإذا كانوا لا يخالفون في أن شيئًا منه كان مرتبًا حسب ترتيب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يمكن أن يُستدل باتفاقهم على وجود الترتيب في بعض السور بأنه أصل دالٌّ على ترتيب البقية، وأنه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما استدلوا به فأقواها دليل حديث ابن عباس في سؤاله عثمان رضي الله عنه، وهذا الأثر؛ لو صحَّ، فإنه لا يعدو أن يكون الكلام فيهما فقط، كما ذكره السيوطي (ت: 911) عن بعض العلماء في هذه المسألة، قال: ((وقال البيهقي في المدخل: كان القرآن على عهد النبي مرتبًا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق ومال ابن عطية إلى أن كثيرًا من السور كان قد عُلِمَ ترتيبها في حياته كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وإن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده.
وقال أبو جعفر بن الزبير الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، ويبقى منها قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف ... )) (2).
ولعله يتضح بهذا أنه يمكن الاستدلال بهذا الحديث في القرآن كله إلا سورة الأنفال وبراءة، كما هو نصه، والله أعلم.
.............
(1) البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 2: 257.
(2) الإتقان للسيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 1: 177.
¥