كما أن هذه الحركة المباركة لشباب 65 كانت ردًّا عمليًّا على بطش النظام، وأنه لم يستطع أن يُخضع الجماعة أو يُرعب أبناءها أو يوقف مسار دعوتها، وكانت صوتًا معارضًا قويًّا لهذا النظام في حين سكت الجميع وخضعوا له مما أحرق كبد النظام غيظًا، فكان بحق مفخرة في تاريخ دعوة الإخوان المسلمين، ونذكر عندما ذهب أحد الإخوان للأستاذ الهضيبي وقتها يشتكي من حركة هؤلاء الشباب بالدعوة والتجمع قال له: أو ليس قعودك عن الدعوة والعمل لها إضرارًا لها؟ (من شهادة الدكتور محمد بديع)

خاتمة:

نعيد الإشارة إلى أن دعوة الإخوان ومنهجها وكذلك الشهيد سيد قطب وعطاءه وفكره، ليست بحاجة إلى رد أو دفاع، ولكنها تذكرة ووقفة مع معاني الحق، ونحن لا نرفع أحدًا إلى مرتبة القداسة، وكل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وميزان الأمر هو أحكام الشرع وقواعده.

لم يقصد الأستاذ سيد قطب بكتاباته أن يقدم مشروعًا مستقلاً أو موازيًا، وإنما كان ملتزمًا بالمشروع الإسلامي والمنهج الدعوي الذي أرسى معالمه الإمام البنا، فقد ركز بأسلوبه على بعض المحاور خاصة في مجال تميز القيم والمفاهيم الإسلامية في مواجهة القيم الغربية؛ مما كان يناسب الظروف الضاغطة التي أحاطت بالدعوة في تلك الفترة وما زالت، فكان كما قال يصب بجهده وفكره في دعم هذا المشروع.

لم يكن الشهيد صاحب رؤية خاصة به أو تيار فكري مخالف لمنهج الإمام الشهيد العملي والفكري، بل كان ملتزمًا حريصًا على ذلك الانتماء وتلك البيعة، وبالتالي فإن نسبة مجموعة من الأفكار والأطروحات تدور حول التكفير والانعزال والتشدد والعنف إليه أمر مخالف للحقيقة مجانب للصواب، واعتداء على فكر الشهيد رحمه الله والذي لم يكن ليرضى به حيًّا أو ميتًا، وإن ظهور لفظ "القطبيين" كان ضمن الحملة ضد التيار الإسلامي لتشويه صورته، ووراءه دوافع أمنية تحاول أن تزرع الخلل في صفوف الدعوة.

لقد شَهِدَتْ كتابت الشهيد انتشارًا واسعًا وتأثر بها كثير من أفراد التيار الإسلامي وحركاته وحركات المقاومة ضد الاستعمار.

لهذا كان أعداء الإسلام حريصين أن يحدثوا الهزيمة النفسية وترسيخ قيمهم الغربية داخل الشخصية المسلمة؛ ليتمكنوا من السيطرة عليها من داخلها، ثم السيطرة على أرض الواقع وميدان المعركة.

لقد وجدوا أن كتابات الشهيد تتميز بالرفض الشديد لهذه القيم التي يحملها المشروع الغربي والمفاصلة الكاملة معها، كما أن محاولتهم للقضاء على الإسلام المقاوم الذي يتصدى لهيمنتهم شملت أن يضربوا جذور هذا الفكر وأن يضربوا معنى الجهاد، ويغيروا مدلوله لتضعف المقاومة وتخضع الشعوب لسلطانهم وسيطرتهم، إننا جميعًا يوم القيامة سنقف بين يدى الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؛ لتظهر الحقائق ويحاسب كلُّ فرد على موقفه وكلماته وعمله.

والله يهدي إلى سواء السبيل

منقول من موقع اخوان أون لاين

ـ[يسري خضر]ــــــــ[01 Jan 2010, 03:39 م]ـ

بقلم: د/ جابر قميحة

كمدخل لمضمون هذا المقال أُذكّر الناقد (وأقصد الناقد بمفهومه الواسع في مجال العلوم الإنسانية من أدب وسياسة واقتصاد وعقائد وتاريخ .. إلخ) أقول أُذَكِّره بعدد من القواعد المنهجية التي يجب أن يأخذ نفسه بها، ومن أهمها:

1 ـ التجرد من الهوى، وتناول الموضوع بعقلانية موضوعية بريئة من الحب والمجاملة والحقد والكراهية.

2 ـ أن يكون حكمه على الشخصية أو الإنتاج بريئًا من التعميم انطلاقًا من شريحة أو جزء من العمل.

3 ـ الاعتماد على المصادر الأصلية دون اعتماد على "المراجع الوسيطة"، كأن يكتب الناقد "وأنقل لكم ما كتبه الدكتور فلان من أن طه حسين كتب في كتابه في الشعر الجاهلي كذا ... وكذا". بل عليه أن يأخذ النص من كتاب طه حسين نفسه.

4 ـ النظر إلى النص والحكم عليه كجزء من أعمال المنقود، فلا يُعزل النص عن بقية إنتاج المفكر، وإلا لكان من حق الناقد أن يحكم على "أبي نواس" بأنه "شاعر الزهد والتوبة" اعتمادًا على قرابة عشرين قصيدة له محورها الزهد في الحياة والتوبة إلى الله. مع أن هذه القصائد لا تعد شيئًا- كمًّا وكيفًا- إذا قيست بقصائده في التهتكيات والخمريات، والشذوذيات.

5 ـ عدم إغفال طبيعة العصر الاجتماعية والسياسية والعلمية وبصماته على المنقود.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015