ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[20 عز وجلec 2009, 05:00 م]ـ

أخي الفاضل العليمى

حفظك الله ورعاك

ثم أقول:

ما قاله المفكر الذي نقلت عنه في تعليل فعل الغالين في عيسى عليه السلام وأمه أقول: إنه تعليل عليل.

إن إرادة وجه الله لا توصل إلا إلى الحق. . . . والمقام الذي يقول فيه المسيح عليه السلام ما قص الله علينا ليس مقام شفاعة كما ذكر المؤلف وإنما هو مقام تقرير وإظهار للحق وإظهار عدل الله المطلق.

أوافقك تمام الموافقة أخى الكريم على أن المقام ليس مقام شفاعة، ولو كان كذلك لعدل عن (العزيز الحكيم) الى (الغفور الرحيم) لأنه الأنسب لمقام الشفاعة، وبالطبع فانه لن يغيب عن فطنتكم أن عرضى لهذا الرأى لا يعنى أننى أؤيده و أتبناه، وقد أعربت عن معارضتى له فى ردى على مداخلة أخينا الحبيب الدكتور حسن، وانما كان عرضى له للدلالة على وجود اشكال، وعلى تنوع واختلاف الأفهام فى ادراك مغزى الآية بوجه عام، وفاصلتها بوجه خاص

أما عن رأيى الخاص فهو أنى أرى الاشكال الحقيقى فى الآية الكريمة يتمثل فى أن المسيح عليه السلام قد وضع عقاب الله الحتمى على الشرك به موضع الاحتمال وجعلها قضية شرطية بقوله: " وان تغفر لهم. . . "

اذ كيف يحتمل الأمر أن يوضع موضع الفرض و الاحتمال مع أنه من المقرر أن: ليس بعد الكفر ذنب؟!!

ومن المقرر فى عقيدتنا - بل فى العقائد كلها على اختلاف الملل - أن قضاء الله فى المشركين به سبحانه وتعالى هو:

" ان الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "

فهل المسيح عليه السلام لا يعرف ذلك؟!

بالطبع لا، حاشا له وكلا، ويستحيل عقلا وشرعا أن نظن به ذلك!!

فكيف اذن جعل الغفران لهم احتمالا قائما بقوله: " وان تغفر لهم. . . "؟!

أليس قوله هذا يعنى امكانية الغفران لهم وكونه غير مستحيل الوقوع؟!

و يبدو لى أن ذلك هو ما شجع البعض على حمل قول المسيح هذا على محمل الشفاعة

هذا هو - أخى الحبيب - موضع الاشكال الحقيقى فيما أرى

وقد هدانى الله عز وجل الى حل مقنع له، أقوله بعد أن أستطلع رأيكم، وآراء من قد يكون لديه تعليل مقبول لتلك المسألة من الأخوة الأفاضل

ولكن مبدئيا: هل توافقنى على وجه الاشكال الذى ذكرته؟

والسؤال موجه للجميع، بارك الله فيكم

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[20 عز وجلec 2009, 08:55 م]ـ

لبيان أن موضع الفاصلة هنا يعد مشكلا أسوق هذا الكلام الذى اقتبسته من تفسير " روح المعانى " للامام الآلوسى:

((ثم إن للعلماء في بيان سر ذكر ذينك الاسمين الجليلين (العزيز الحكيم) في الآية كلاماً طويلاً حيث أشكل وجه مناسبتهما لسياق ما قرنا به حتى حكي عن بعض القراء أنه غيرهما لسخافة عقله فكان يقرأ (فإنك أنت الغفور الرحيم) إلى أن حبس وضرب سبع درر، ووقع لبعض الطاعنين في القرآن من الملاحدة أن المناسب ما وقع في مصحف ابن مسعود (فإنك أنت العزيز الغفور) كما نقل ذلك ابن الأنباري، وقد علمت أحد توجيهاتهم لذلك.

وقيل: إن ذكرهما من باب الاحتراس لأن ترك عقاب الجاني قد يكون لعجز في القدرة أو لإهمال ينافي الحكمة فدفع توهم ذلك بذكرهما. وفي «أمالي العز بن عبد السلام» أن العزيز معناه هنا الذي لا نظير له، والمعنى وإن تغفر لهم فإنك أنت الذي لا نظير لك في غفرانك وسعة رحمتك، وأنت أولى من رحم وأجدر من غفر وستر الحكيم الذي لا يفعل شيئاً إلا في مستحقه وهم مستحقون ذلك لفضلك وضعفهم، وهذا ظاهر في أن في الآية تعريضاً بطلب المغفرة ولا أظنك تقول به.))

ولبيان أن الاشكال الحقيقى هو ما ذهبت اليه وأبنت عنه فى مداخلتى السابقة أسوق هذا الكلام الذى اقتبسته من " التفسير الوسيط " لفضيلة الدكتور سيد طنطاوى شيخ الأزهر الشريف:

((وقد قال بعض المفسرين هنا: كيف جاز لعيسى أن يقول: {وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ} والله - تعالى - لا يغفر أن يشرك به؟

وقد أجاب عن ذلك الإِمام القرطبى بقوله: قول عيسى {وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ} قاله على وجه الاستعطاف لهم، والرأفة بهم، كما يستعطف السيد لعبده، ولهذا لم يقل: فإنهم عصوك. وقيل قاله على وجه التسليم لأمره، والاستجارة من عذابه، وهو يعلم أنه لا يغفر لكافر وقيل. الهاء والميم فى {إِن تُعَذِّبْهُمْ} لمن مات منهم على الكفر. والهاء والميم فى قوله: {وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ} لمن تاب منهم قبل الموت. وهذا وجه حسن ".

أقول: هذا الوجه الثالث الذى ذكره القرطبى قد اكتفى به بعض المفسرين فقال: قوله: {إِن تُعَذِّبْهُمْ} أى: من أقام على الكفر منهم {فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} وأنت مالكهم تتصرف فيهم كيف شئت لا اعتراض عليك {وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ} أى: لمن آمن منهم {فَإِنَّكَ أَنتَ ?لْعَزِيزُ} الغالب على أمره {?لْحَكِيمُ} فى صنعه.

ومع وجاهة هذا الوجه فإننا نرى أن الآية الكريمة حكاية للتفويض المطلق الذى فوضه عيسى إلى ربه - سبحانه - فى شأن قومه ولهذا قال ابن كثير:

هذا الكلام يتضمن رد المشيئة إلى الله - تعالى - فإنه الفعال لما يشاء الذى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون))

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015