ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 عز وجلec 2009, 05:28 م]ـ

حكيت ما وجدته من بحثي القاصر، ولا يعني قول " بلا خلاف - فيما أعلمه - " هذا إجماعاً فنفي العلم ليس علماً بالعدم كما هو مقرر، والخلاف موجود. [/ url]

وصلتني رسالة فيها تعليق على قولك هذا، وقد تضمنت تحريراً يتعلق بالإجماع، وثبوته، وما العبارات التي تدل على ثبوت الإجماع، وما العبارات التي لا تدل على ذلك، وهذا نصها بعد تعديل يسير:

(أنا معك يا أخي الغزالي أن عدم العلم بالمخالف لا يصح به دعوى الإجماع الذي يراد به إحصاء جميع أقوال الناس التي لا يحصيها إلا رب العالمين، وهذا الإجماع الذي كان ينفيه الإمام أحمد وغيره من العلماء بقولهم: < من ادعى الإجماع فقد كذب > أما الإجماع الذي هو بمعنى عدم العلم بالنزاع في المسألة فهذا هو المقصود بإجماعات أهل العلم في مسائل العلم، فلا يصح نفيك بأنه لا يفيد الإجماع، وإلا للزم منه عدم انعقاد إجماع في مسألة ما، وهذا الذي قرره شيخ الإسلا في مجموع الفتاوى {19/ 271} بقوله:

(فإن عدم العلم ليس علما بالعدم لا سيما في أقوال علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي لا يحصيها إلا رب العالمين، ولهذا قال أحمد وغيره من العلماء: من ادعى الإجماع فقد كذب، وهذه دعوى المريسي والأصم، ولكن يقول: لا أعلم نزاعا، والذين كانوا يذكرون الإجماع كالشافعي وأبي ثور وغيرهما يفسرون مرادهم: بأنا لا نعلم نزاعا، ويقولون: هذا هو الإجماع الذي ندعيه) انتهى كلامه رحمه الله.

فتبين بهذا خطأ قولك: أن قول بلا خلاف فيما أعلمه لا تفيد حكاية الإجماع من قائلها على المعنى السائد للإجماع بين أهل العلم.

ثانيا: قولك: فنفي العلم ليس علما بالعدم كما هو مقرر. فهذه قاعدة مشهورة والخطأ في كلامك ليس في القاعدة وإنما في الإستشهاد بها، فأنت لم تنفي علما وأنما ادعيت علما وذلك بقولك: فيما أعلمه. وهناك فرق بين أن يقول الإنسان: لا أعلم. وبين أن يقول: فيما أعلم، فالأولى: جهل ونفي للعلم، والثانية: علم وإثبات. ولذا فالإستصحاب عند الإصوليين: العلم بعدم الدليل. يقابله الجهل الذي هو: عدم العلم بالدليل. وتأمل العبارتين تجد الفارق بينهما. فطلبي لك بأن توثق حكايتك بعدم الخلاف في المسألة إنما هو من مطالب هذه الإفادة، ولم ألزمك بشيء ليس من لازم كلامك.

وهنا أبين مع الأسف أن كثيرا من أهل العلم فضلا عن طلاب العلم لا يفهمون قاعدة:

< عدم العلم ليس علما بالعدم > فإنا عندما نقول: عدم العلم ليس علما بالعدم، إنما نقوله عندما يأتينا أحد بنفي ويأتينا غيره بإثبات فنقدم المثبت على النافي لأنه ناقل عن الأصل ومعه زيادة علم.

أما أن جاءنا نص بالنفي ولم يأتنا ما يعارضه فحينئذ لا يسعنا أن نقول: عدم العلم ليس نقلا للعدم، بل عدم العلم في هذه الحالة يعد علما بالعدم، ومثال ما سبق أن قررنه في هذه المسألة حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما بال قائما قط، ومن حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه) وحديث حذيفة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما) ففي هذه الحال نقول: إن كلام عائشة عدم علم وليس علما بالعدم. وحديث حذيفة علم بالعدم الذي نفت عائشة العلم به، ولو لم يرد حديث حذيفة فهل نستطيع أن نقول: يحتمل أن النبي كان يبول قائما ولم تعلم عائشة بذلك؟

نعم هذا احتمال عقلي قائم، ولكنه كالعدم لأنه لم ينقل، فلا نثبت شيء بهذا الاحتمال.

ولو جوزنا استعمال مثل هذا الاحتمال لأسقطنا الشريعة جملة وتفصيلا؛ لأنه لا يبقى نص إلا ويحتمل أنه نسخ ولم يبلغنا الناسخ، أو يحتمل أنه قيد أو خصص ولم يبلغنا المقيد أو المخصص، أو يحتمل أنه عارضه ما هو أقوى منه ولم يبلغنا، فهذه احتمالات واردة عقلا فقط، ولكنها ساقطة لا اعتبار لها شرعا باتفاق أهل العلم.

ثالثا: قولك - بعدما قلت: (بلا خلاف فيما أعلمه) -: (والخلاف موجود.) وهذه العبارة أتت على ما تعلمه بالنقض، فكيف تقول بلا خلاف فيما أعلمه ثم تقول: والخلاف موجود. فتأمل الإنسان كلامه قبل يخرج منه يجنبه الملامة.

أسأل الله التوفيق لي ولك، وكل منا يكمل صاحبه، والعلم ينفع الرجل ما دام يستنصح إخوانه فيه. والله الموفق.)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015