والكون فيزيائيا بناء واحد شديد الترابط ويتكون من لبنات معمارية أساسية واحدة تشيد هيكل الذرات وحشود النجوم والمجرات وقوى Forces تسري بينهن عاجلة كالملاط, وتحاول الفيزياء اليوم إثبات أن كل القوى ولبنات المواد ترجع إلى واحدة لم يتبق لوصفها سوى الحركة في عجل كلمح الضوء بالبصر هي أساس كل البناء, والنتيجة التي تؤيدها كافة القياسات العملية هي أن قيمة الحد الأعلى لسرعة القوى في الفراغ Vacuum ثابتة, وسرعة الضوء في الفراغ هي نفس سرعة كل أشكال الطيف مثل الأشعة فوق البنفسجية و الأشعة تحت الحمراء وموجات الراديو والتلفزيون ومن الجائز أيضا موجات الجاذبية, ويعبر فيزيائيا عن سرعة القوى الفيزيائية بسرعة الضوء باعتباره الجزء المرئي في الطيف الكهرومغناطيسي ويستوي في ذلك ضوء شمعة أو ومضات نجم, والفرضيات النظرية باختلاف سرعة الضوء عند نشأة الكون أو عند نهايته لا تنقض القياسات العملية حاليا ولا تنقضها بالمثل فرضية الجسيمات الأسرع من الضوء (التاكيونات Tachyons ) أو الأجسام سالبة الكتلة لو ثبتت, وسرعة الضوء في جو الأرض دون الحد الأعلى قليلا أما سرعته في الفراغ فلا تتجاوزها قوة ولا تبلغها مادة.

ويقول الفيزيائي ستيفن هاوكنج Stephen Hawking: " تختلف سرعة الضوء عن سرعة أي شيء آخر, فلا يمكن وصف سرعة رصاصة بندقية أو سرعة القمر أو أي سرعة كوكب إلا بالنسبة إلى شيء ما آخر, بينما لا تنسب سرعة الضوء إلى أي شيء آخر, إنها قيمة ثابتة مطلقة صلى الله عليه وسلمbsolute Constant"(2), وقيمة سرعة الضوء في الفراغ والمعلنة دوليا منذ عام 1983 في مؤتمر باريس للقياسات هي: 299792.458 (حوالي 300 ألف) كيلومتر في الثانية (3) , ويمكن التعبير عن تلك القيمة بأي وحدات قياس أخرى, وإن شئت استخدام وحدات فلكية غير اصطلاحية يشترك فيها جميع أهل الأرض فاليوم هو أدنى وحدة للتعبير عن زمن دورة الأرض حول نفسها أمام الشمس, وإن شئت الدقة فطوله قياسا على نجم بعيد ثابت 86164.09966 ثانية ويسمى باليوم النجمي Sidereal عز وجلay بينما تبلغ الفترة بين شروقين متتاليين 86400 ثانية وتسمى باليوم الاقتراني Synodic عز وجلay, والزيادة الظاهرية (حوالي أربع دقائق) ناجمة عن حركة الأرض حول الشمس أثناء حركتها حول نفسها.

وقياسا على نجم بعيد تبلغ المسافة التي يقطعها الضوء في يوم 25.83134723 بليون كيلومتر, وهي قيمة لا تكفي المسافات المحدودة على الأرض للتعبير عنها إلا باستخدام مسافات تقطعها أجرام فلكية, والقمر أقرب الأجرام وعلى حركته في 12 دورة تتابع الحج عند العرب وساد تقويم السنة, ولكن حركته نسبية يتباين وصفها تبعا للراصد ونرصدها فلكيا أثناء حركتنا مع الأرض حول الشمس, ولذا إن شئت الدقة يجب نسبة حركته كذلك إلى نجم بعيد وكأن الأرض ثابتة لا تدور حول الشمس كما يعدها أهلها, وحينئذ ستذهلك مفاجأة ادخرها القرآن بتأكيده في مقام بيان سرعة قصوى ذات قيمة كونية ثابتة أن يوما كألف سنة, لأن سرعة القوى جميعا واحدة ذات قيمة كونية ثابتة وما تقطعه في يوم يماثل تماما في دقة مذهلة ما يقطعه القمر في ألف سنة باعتبار ما يعدون؛ أي كما لو كانت الأرض ثابتة لا تدور حول الشمس.

التحليل الدلالي

ورد قياس في القرآن الكريم أحد طرفيه (يوم) والآخر (ألف سنة) في سياق الإنذار باقتراب نهاية الكون ودمار الأرض وهلاك أهلها بعذاب قادم بسرعة قصوى لا تحتاج مزيد استعجال؛ يقول تعالى: "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ وَإِنّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ" الحج 47، والأصل حمل العدد على ظاهر دلالته الإحصائية لا على مجرد التكثير أو التقليل إلا بقرينة صارفة, وكما يمكن حمل الإنذار على تقارب أطراف الكون تُحمل الألف سنة على مسافة السير في اليوم بيانًا لحد سرعة القوى المعبر عنها بسرعة الضوء, وأما التعبير (عند ربك) وما يماثله في القرآن فلا يعني التحيز وإنما يجعله القياس هنا بمعنى (وفق تقديره تعالى في الكون).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015