وتُقاس الأبعاد فلكيا بوحدة الزمن المناسبة وأقصى سرعة, فنقول يبعد القمر حوالي ثانية ضوئية وتبعد الشمس ثمان دقائق ويبعد أقرب نجم 4.3 سنة, فإذا كانت القيمة (ألف سنة في يوم) تعبيرًا عن أقصى سرعة تكون القيمة (خمسين) في السياق تعدادا لأقصى وحدة زمن, وأكبر وحدة زمن فلكيا هي سنة الشمس وهي مدة دورتها حول مركز المجرة وقيمتها حوالي 250 مليون سنة, ولكي يقطع شعاع من الضوء المسافة إلى طرف الكون الممكن الرصد يحتاج إلى عمر الكون وقيمته حوالي 12.5 (10 - 15) بليون سنة (11) , والعجيب أنها تساوي القيمة (خمسين) تماما بسنوات الشمس مما يؤكد أن القيمة (ألف سنة في يوم) تعبير عن أقصى سرعة في الكون.
وفي سياق بيان أن كل شيء مأمور أي قائم وفق تدبير لا تصنعه مصادفة ونظام واحد يشهد بوحدانية الخالق ورد نفس القياس بتفصيل أكثر يكشف وجود تقدير واحد ثابت يتعلق بالحد الأعلى للحركة في الكون المنظور كله, يقول تعالى: "يُدَبّرُ الأمْرَ مِنَ السّمَآءِ إِلَى الأرْضِ ثُمّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ" السجدة 5، و (الأمر) المُدَبَّر يستقيم أن يعنى (المأمور) فيوحد كل شيء في أصل واحد ويجعل الكل منظما مقدرا, والانتقال إلى هيئة مواد الأرض ثم العودة إلى الانتقال الحر في انحناء كالأعرج يوحد القوى والمواد في البنية ويوجز قصة الكون فيزيائيا منذ بدايته, ويصور (إليه) نهايته بعودة الكل إلى الله لا إلى غيره بيانا لوحدانيته تعالى وتفرده, وتسبق الآية الكريمة مباشرة جملة آيات تحمل الدلالة على صدق القرآن الكريم وأن النبي محمد –صلى الله عليه وسلم - قد جاء إلى أمته بالمثل نذيرا: يقول تعالى: "تَنزِيلُ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رّبّ الْعَالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقّ مِن رّبّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مّآ أَتَاهُم مّن نّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ لَعَلّهُمْ يَهْتَدُونَ. اللّهُ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ اسْتَوَىَ عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكّرُونَ" السجدة 2 - 4.
وباشتراك ثلاث آيات تتأكد الدلالة على وجود حد أعلى للسرعة أو ثابت كوني للحركة تقابله في الفيزياء سرعة الضوء في الفراغ والعجيب أنها تسمى كذلك الثابت الكوني للحركة Universal constant of motion, والتشبيه "وَإِنّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ" يُمكن حمله على أن ما تقطعه القوى في يوم لا يتجاوز مسافة ألف سنة بمقياس ما تُبنى على حركته السنة وفق ما يعدون لأن الأصل أن يكون المشبه به الأقوى في وجه الشبه, وبالمثل يدل التعبير "فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ" على أن حد ما يُقطع في يوم لا يتجاوز مسافة ألف سنة, فيتأكد أن حد سرعة القوى المعبر عنها بسرعة الضوء لا يتجاوز في اليوم تلك المسافة.
وسنة العرب هي المعتمدة في التشريعات الإسلامية كالحج وصيام رمضان وهي مبنية على حركة القمر حول الأرض في 12 دورة, قال تعالى: "إِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ" التوبة 36، وبهذا يتعين الجسم الذي يقطع المسافة في ألف سنة وتصبح (مما تعدون) معيارا للقياس تأكيدا لنسبية حركة الأجسام بلا حاجة لتعريف المعروف بجعلها تعريفا للسنة لأنها تعني مما تَحْسَبُون وتظنون وليست السنة عندهم محل ظن, والمعلوم فلكيا أن القمر يدور حول الشمس أثناء دورانه حول الأرض ولذا حركته بالنسبة للفراغ مركبة Compound, ولكن حركته حول الشمس لا يعاينها إلا مراقب خارج النظام ولذا يعدون الأرض ساكنة والقمر يدور حولها في دائرة كاملة الاستدارة ولا تلحظ العين المجردة نسبة تغير سرعته, وبهذا الاعتبار يتحقق فيزيائيا النظام المعزول.
¥