لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[20 Oct 2009, 05:42 م]ـ

لفت انتباهي وأنا أقرأ سورة النمل قصة بلقيس رضي الله عنها وكيف استطاعت برأيها الرشيد أن تنجي قومها وتسلك بهم سبيل النجاة.

ثم تذكرت حديث: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.

فتحيرت في الجمع بينهما، إلا إذا حمل الحديث على الغالب.

للمدارسة.

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[21 Oct 2009, 01:24 ص]ـ

لفت انتباهي وأنا أقرأ سورة النمل قصة بلقيس رضي الله عنها وكيف استطاعت برأيها الرشيد أن تنجي قومها وتسلك بهم سبيل النجاة.

ثم تذكرت حديث: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.

فتحيرت في الجمع بينهما، إلا إذا حمل الحديث على الغالب.

للمدارسة.

لقد وردت لهذا الحديث روايات متعددة، منها: [لن يفلح قوم تملكهم امرأة] .. [لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة] .. [ولن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة] رواها: البخارى والترمذى والنسائى والإمام أحمد ..

وإذا كانت صحة الحديث من حيث " الرواية " هى حقيقة لا شبهة فيها .. فإن إغفال مناسبة ورود هذا الحديث يجعل " الدراية " بمعناه الحقيقى مخالفة للاستدلال به على تحريم ولاية المرأة للعمل العام ..

ذلك أن ملابسات قول الرسول صلى الله عليه وسلم، لهذا الحديث تقول: إن نفراً قد قدموا من بلاد فارس إلى المدينة المنورة، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- " من يلى أمر فارس "؟ - " قال [أحدهم]: امرأة.

- فقال صلى الله عليه وسلم " ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ".

فملابسات ورود الحديث تجعله نبوءة سياسية بزوال ملك فارس وهى نبوءة نبوية قد تحققت بعد ذلك بسنوات– أكثر منه تشريعاً عاما يحرم ولاية المرأة للعمل السياسى العام ..

ثم إن هذه الملابسات تجعل معنى هذا الحديث خاصاً " بالولاية العامة " أى رئاسة الدولة وقيادة الأمة ..

فالمقام كان مقام الحديث عن امرأة تولت عرش الكسروية الفارسية، التى كانت تمثل إحدى القوتين الأعظم فى النظام العالمى لذلك التاريخ .. ولا خلاف بين جمهور الفقهاء باستثناء طائفة من الخوارج على اشتراط " الذكورة " فيمن يلى " الإمامة العظمى " والخلافة العامة لدار الإسلام وأمة الإسلام .. أما ماعدا هذا المنصب بما فى ذلك ولايات الأقاليم والأقطار والدول القومية والقطرية والوطنية فإنها لا تدخل فى ولاية الإمامة العظمى لدار الإسلام وأمته .. لأنها ولايات خاصة وجزئية، يفرض واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المشاركة فى حمل أماناتها على الرجال والنساء دون تفريق ..

فالشبهة إنما جاءت من خلط مثل هذه الولايات الجزئية والخاصة بالإمامة العظمى والولاية العامة لدار الإسلام وأمته وهى الولاية التى اشترط جمهور الفقهاء " الذكورة " فيمن يليها .. ولا حديث للفقه المعاصر عن ولاية المرأة لهذه الإمامة العظمى، لأن هذه الولاية قد غابت عن متناول الرجال، فضلاً عن النساء، منذ سقوط الخلافة العثمانية [1342 هجرية 1924م] وحتى الآن! ..

وأمر آخر لابد من الإشارة إليه، ونحن نزيل هذه الشبهة عن ولاية المرأة للعمل العام، وهو تغير مفهوم الولاية العامة فى عصرنا الحديث، وذلك بانتقاله من:" سلطان الفرد " إلى " سلطان المؤسسة "، والتى يشترك فيها جمع من ذوى السلطان والاختصاص ..

لقد تحوّل " القضاء " من قضاء القاضى الفرد إلى قضاء مؤسسى، يشترك فى الحكم فيه عدد من القضاة ..

فإذا شاركت المرأة فى " هيئة المحكمة " فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة للقضاء، بالمعنى الذى كان وارداً فى فقه القدماء، لأن الولاية هنا الآن لمؤسسة وجمع، وليست لفرد من الأفراد، رجلاً كان أو امرأة .. بل لقد أصبحت مؤسسة التشريع والتقنين مشاركة فى ولاية القضاء، بتشريعها القوانين التى ينفذها القضاة .. فلم يعد قاضى اليوم ذلك الذى يجتهد فى استنباط الحكم واستخلاص القانون، وإنما أصبح " المنفذ " للقانون الذى صاغته وقننته مؤسسة، تمثل الاجتهاد الجماعى والمؤسسى لا الفردى فى صياغة القانون ..

وكذلك الحال مع تحول التشريع والتقنين من اجتهاد الفرد إلى اجتهاد مؤسسات الصياغة والتشريع والتقنين ..

فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات، فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة لسلطة التشريع بالمعنى التاريخى والقديم لولاية التشريع ..

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015