(لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ): يا لها من موعظة! ويا له من زجر! هذه الموعظة ينتفع بها المؤمن, وإن كانت في الأصل موجهةً إلى الكافر. فأنت إذا وعظت غيرك، وعظت نفسك. قل لنفسك، كما قال الله: ألا تظن أنك مبعوث ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين!؛ لأن غالب ما يقع منا من التقصير, والمعصية, والغفلة, وظلم النفس, وظلم الآخرين, إنما هو ناتج عن ضعف اليقين بالآخرة، ولو كان اليقين بالآخرة قائماً في القلب دائماً، لانكف الإنسان عن كثير من المعاصي والمظالم, لكن القلب يذهل عن ذلك الموعد الحق, فإذا غاب عن باله البعث، واليوم الآخر, والجنة، والنار، صار يطأ السهل، والوعر، ويجترح السيئات، ويقترف المعاصي؛ لغياب هذا الرادع عن قلبه. فمن أعظم أسباب الموعظة، أن يعظ الإنسان نفسه باليوم الآخر, ودعك من أقوام يقولون: لا فائدة من المواعظ, المهم الإقناع بالعقل! لابد من الإقناع العقلي, ومن تحريك الوجدان والموعظة. كم من إنسان تحصل له القناعة العقلية بصحة كذا، وخطأ كذا، لكنه لا ينقاد لمقتضى العقل! فلابد من الجمع بين الأمرين. ولهذا قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) فالحكمة: الأمر المحكم الذي يقطع العقل بصوابه, والموعظة: ما يلامس القلب، ويستجيش الوجدان. فجاء هذا التهديد لهؤلاء المطففين، باليوم الآخر الذي ترتعد الفرائص عند ذكره , تقول فاطمة بنت عبد الملك، زوج عمر بن عبد العزيز، رحمهما الله: " كان عمر يذكر الموت وهو في فراشه، فينتفض كما ينتفض العصفور " هكذا القلب المؤمن باليوم الآخر، يردعه إيمانه عن كثير من المحرمات, والشبهات, والمكروهات, وخلاف الأولى.

وإنما سميت القيامة قيامة، لأسباب منها هذا (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) , أي أنهم يبعثون من قبورهم أحياءً، ينتصبون على أقدامهم، حفاة، عراة، غرلاً, (لرب العالمين): يعني للوقوف بين يديه، والحساب، والجزاء الذي يفضي إلى جنة أو نار. ومن أسباب تسميتها بالقيامة، قيام الأشهاد، قال الله تعالى (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) , ومن أسباب تسميتها القيامة: إقامة الموازين قال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ).

الفوائد المستنبطة:

الفائدة الأولى: ذم التطفيف، وتوعد فاعليه.

الفائدة الثانية: منافاته للعدل والإنصاف.

الفائدة الثالثة: التهديد، والموعظة باليوم الآخر.

الفائدة الرابعة: إثبات البعث والقيامة الكبرى.

الفائدة الخامسة: ربوبية الله العامة (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). فالربوبية نوعان: الربوبية عامة: وهي التي تشمل جميع الخلق (الْعَالَمِينَ)، لأن (عَالَمِينَ) جمع عالم وهو كل من سوى الله من إنس, أو جن, أو طير, أو وحش, أو ملك. فالربوبية العامة معناها أن الله سبحانه وتعالى خلقهم، ورزقهم، ودبر أمورهم. وأما الربوبية الخاصة: فهي ربوبيته سبحانه وتعالى لأوليائه المؤمنين، وذلك باللطف بهم، وتيسير أمورهم، وحفظهم في دينهم، ودنياهم, ويمكن أن نضيف ربوبية خاصة الخاصة: وهي ربوبيته للأنبياء والمرسلين، وأخصهم نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن ربوبيته لهم أخص ما يكون.

ـ[أم عبد الله //]ــــــــ[13 Nov 2009, 07:08 ص]ـ

بارك الله فيك ِ ..

ـ[محبة القرآن]ــــــــ[13 Nov 2009, 09:12 م]ـ

بارك الله فيك ِ ..

وفيك بارك الله ..

نشكر مروركِ الطيب

ـ[محبة القرآن]ــــــــ[01 عز وجلec 2009, 02:13 م]ـ

بسم اله الرحمن الرحيم

التفسير العقدي لجزء عم

سورة المطففين (المقطع الثاني)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015