ويحاول الأخ البيراوي أن يجعل مسألة الهمزة من باب الرسم وليس الضبط. وهذا لا ينجح، صحيح أنها ليست من باب الإعجام والشكل، ولكنها ليست من باب الرسم أيضا، أي إنها لم تُرْسَم عندما كتب المصحف بالرسم العثماني، وإنما الهمزة صورة مبتكرة أضيفت إلى كتابة المصحف من قبل علماء الضبط، والضبط أعمّ من الإعجام.

ـ[جمال السبني]ــــــــ[24 Nov 2009, 11:12 م]ـ

6. اختلاف القراءات تنعكس بشكل محدود على مسائل الإعجاز العددي. ولابد من التزام قراءة بعينها للبحوث. وعندما يثبت وجود النظام العددي في مصحف حفص نكون قد أقمنا الحجة، وليس بالضرورة أن تكون باقي المصاحف تكرر الملاحظات نفسها. ألا يكفي إجماع الصحابة على رسم مصحف حتى نعتمده في البحث. وأحب هنا أن ألفت الانتاه إلى أن المصحف السائد في العالم الإسلامي يحتمل قراءة حفص وغيرها، ولننظر مثلاً إلى رسم كلمة (أدريك) والتي لم ترسم كما يقرأ حفص هكذا (أدراك).

يهون الأخ البيراوي هنا من أمر اختلاف عدّ الحروف والكلمات في المصحف المطبوع برواية حفص والآخر برواية ورش مثلا.

ولكن أحيانا نجد اختلافا حتى في عدد الكلمات وليس فقط الحروف، وهو ما قرأ به نافع (وابن عامر وأبو جعفر) قوله تعالى: ( .. فإن الله الغني الحميد)، وقرأ آخرون (فإن الله هو الغني الحميد)، وكلتا القراءتين متواترتان. وأنت ترى هنا أن (هو) كلمة إملائية ونحوية مستقلة، وبها تزيد السورة كلمةً وتزيد أيضا حرفين، وهي ثابتة رسما وقراءة في مصاحف العراقيين والمكيين ولا توجد رسما ولا قراءة في مصاحف الشاميين وأهل المدينة. وهذا ينعكس على حسابات الإخوة العاملين في مجال الإعجاز العددي.

وقراءة حروف المضارعة (الياءات والتاءات والنونات) وحروف أخرى تختلف بالإعجام؛ قد اختلفت فيها القراءات كثيرا، وهذا لا يمكن الفصل فيه بالاعتماد على رسم المصحف، فكرسي الحرف وحده لا يعني شيئا بدون النقط، ولذا يختلف عدّ الياءات والتاءات والنونات حتما بحسب القراءات.

وصحيح أن رسم المصحف يحتمل أكثر وجوه القراءات المتواترة أو كلها تقريبا، لكن وجود بعض الاختلافات التي لا يمكن حسمها عن طريق الالتجاء إلى الرسم العثماني، يغير حساب الحروف، وبالتالي يغير حسابات مدرسة الإعجاز العددي.

ـ[جمال السبني]ــــــــ[24 Nov 2009, 11:41 م]ـ

8. إنكار دلالة النظام على القصد في الخلق هو منطق الملاحدة. هذا عندما نُقيم الحجة على أن هناك نظاماً بديعاً. ومن هنا لا نتهم مسلماً بشيء من هذا، ولكن نربأ به أن يتشبّه بهم وهو لا يدري. إذن نحن نريد فقط اعترافاً بدلالة النظام، ثم بعد ذلك يكون علينا عبء إثبات وجود هذا النظام.

دعني أبدأ من جديد وأناقش مفهوم (النظام) الذي صار محوريا ـ كما يبدو ـ في مقولات الإعجاز العددي.

النظام يعني حالة مطردة، بحيث أينما ذهبت وتوجهتَ واجهتْكَ ووجدتَها.

فهل الاتفاقات العددية المستخرجة لدى إخوة الإعجاز العددي، هي كذلك؟

إذا كانت مفردتا (الدنيا) و (الآخرة) قد وردتا كلتاهما (115) مرة [ولست متأكدا من المعلومة]، فهل يعني هذا أن كل المفردات الأخرى جاءت كذلك؟ وإذا كان قسم من الثنائيّات المتقابلة جاء بالعدد نفسه والقسم الآخر لم يكن كذلك، هل يُسمّى هذا نظاما؟

وأكثر الاتفاقات التي يستخرجونها تقوم على ملاحظة جانب هم يختارونه، وفي موضع آخر يختارون جانبا آخر ويعلّقون الأمر على جهة أخرى. وهكذا يكون الأمر أبعد شيء عن النظام، بل هي حسابات وعلاقات مصطنعة بتكلف واضح، ولا يجري الأمر على مبادئ واضحة. وأنت إذا أقسمتَ على إيجاد علاقة وارتباط بين شيئين؛ ستجده، ولكنك قد تجده أنت ولا يقتنع به غيرُك لأنك أوجدته بنفسك وارتكبت أمورا من الانتقائية والتصنع و الحسابات والتقديرات الشخصية.

يجب أن يقتنع الإخوة في مدرسة الإعجاز العددي بأن ما يجدونه هم له طابع شخصيّ وليس بمستوى التفسير ولا الدراسات القرآنية، ولا يعدو أن يكون (لطائف) كما كان يقول علماؤنا القدامى.

ـ[جمال السبني]ــــــــ[25 Nov 2009, 12:09 ص]ـ

9. ما يوجد عند اليهود مما يسمى (القابالا) يشبه ما عند المتصوفة، ولا علاقة لهذا بالمسألة المطروحة. والقول إن التوافقات قد توجد في كلام البشر لا دليل عليه إلا ما يكون من توافقات محدودة لا يقصدها الكاتب. والمسألة المطروحة تشير إلى نظم بديعة يجهلها معظم الإخوة الذين يجادلون في المسألة. والحكم على الشيء فرع عن تصوره.

ليس المقصود هو القبالاه عينها، بل إنه من المعلوم أن تفسير النصوص بحساب الجمل واستخراج أسرار منها زائدة على ما أراد المتكلم إيصاله إلى المتلقي من معنى واضح جليّ، يعود أصله إلى اليهود.

وتلتقي مدرسة الإعجاز العددي مع تلك التيارات الصوفية في الباطنية واستخراج أسرار مزعومة من النص زيادة على ما يؤديه النص كخطاب للناس جميعا.

والاتفاقات التي نتحدث عنها من الممكن أن توجد في كلام البشر، ما دام مستخرج الاتفاقات يقوم بعمليات عدة من الانتقاء والتصنع وتغيير المبادئ النظرية من أجل وجود اتفاق متخيَّل ومقصود مسبقا.

وصحيح أنني لم أدرس بعدُ كل نتائج بحوث الإعجاز العددي، وقد كان في نيتي ذلك، إلا أن كل الدراسات الجادة وغير المنحازة تقول الشيء نفسَه.

وأحيل الإخوة هنا إلى بحث الدكتور أحمد شكري بعنوان (مقولة الإعجاز العددي دراسة نقدية) وهو متوفر على الشبكة، وإلى رسالة ماجستير قدمها (طارق بن سعيد القحطاني) إلى قسم العقيدة من كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى، وهي بعنوان (أسرار الحروف وحساب الجمل ـ عرض ونقد)، وهي دراسة نقدية لأفكار أسرار الحروف والأرقام لدى التيارات الباطنية وما لدى اليهود وما لدى مدرسة الإعجاز العددي، ويمكن تحميلها من هذا الرابط:

www.4shared.com/file/126915796/f23406a7/______.html

وأنبه هنا إلى أنه ربما يسعى الشيعة إلى استخراج حسابات واتفاقات مبنية على حساب الجمل وما إلى ذلك، من أجل إثبات إمامة أئمتهم (وأذكر أنني وجدت أشياء من هذا القبيل) .. فالباب مفتوح للجميع، ما دام غير محصن أصلا ..

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015