ـ[جمال السبني]ــــــــ[23 Nov 2009, 09:13 م]ـ
3. اختلاف العلماء في توقيف الرسم العثماني يفتح الباب للبحث عن أدلة ترجيحيّة، ووجود النظام العددي يُرجّح قول الجمهور. وهذا واضح في المنطق السوي. ونقول بلغة أخرى: يا من تزعم أن الرسم غير توقيفي، كيف تُفسّر لنا وجود النظام العددي المدهش؟! ليس له عندها إلا أن يقر أو أن يزعم أنها مصادفات (منطق الملاحدة طبعاً الذين يزعمون أنّ نظام الكون نتاج المصادفات).
أخي أبا عمرو البيراوي
أنا أقول:
لا يمكن أن يكون رسم المصحف توقيفيا بحال من الأحوال، لأنه ببساطة لم يكن من سبيل إلى إيصال هذا (التوقيف) إلى الصحابة الكرام الذين كتبوا الآيات بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم .. نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجّههم بشيء في كيفية الكتابة ورسم الكلمات .. وهذا واضح تماما ..
بقي أن نقول إن الصحابة كانوا (مُلهَمين)!! فهل يصحّ القول بهذا؟ أنا أتورّع عن القول بهذا.
ولم ينزل القرآن مكتوبا ..
فكيف تمّ هذا التوقيف الذي تتحدثون عنه؟
ثم إننا على علم بتاريخ هذا الرسم المصحفي الذي هو الكتابة العربية الحجازية المستنبَطة من الكتابة النبطية، ويمكن تعليل ظواهره من خلال تاريخه هذا، ومن خلال ملاحظة أن هؤلاء الكتبة اجتهدوا وحاولوا أن تكون تلك الكتابة الخالية من الضبط ومن أكثر الحروف المصوتة دالة على اللفظ ومانعة للالتباس ومعينة على القراءة والترديد وعلى إدراك الإعراب وأمور أخرى.
ولا حاجة إلى كثير من التفكير والتروي لإدراك أن رسم المصحف كان من عمل الصحابة، وأعتقد أن القول بتوقيفية رسم المصحف كان محاولة من جانب بعض العلماء لتعليل بعض الظواهر الغريبة في رسم المصحف، وأما الآن وبعد أن أصبح تاريخ الكتابة العربية علما قائما بذاته لا مكان لتلك النظريات في تعليل رسم المصحف.
وأما الحديث عن (وجود نظام عددي مدهش) في نظم القرآن بالرسم العثماني، فبغض النظر عن مدى التزام الذي يكتشف هذا النظام بالرسم وكيفية حسابه الكلمات والحروف ومدى تمييزه بين الرسم والضبط؛ لا يمكن أن يُعتبَر حديثا عن إعجاز، لأن الإعجاز يعني أن الأمر معجزة قطعية، بينما لسنا متأكدين من أن هذا النظام (إن وُجِد) مقصود (خصوصا لأننا نحن معاشر المسلمين لم يبلغنا حتى ولا أثر يشير إلى قصد هذا النظام) أم أنه اتفاقات قد تحدث في كل النصوص والكتب .. ففي المصحف بالرسم العثماني تُكتشَف هذه الاتفاقات، وفي المصحف بالرسم الإملائي قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات (ولا أقصد عين هذه الاتفاقات)، وفي المصحف بالروايات / القراءات الأخرى قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات (ولا أقصد هذه الاتفاقات عينها)، وفي كتاب آخر مثل (صحيح البخاري) قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات، وفي كتاب آخر عاديّ قد تُكتشَف مثل هذه الاتفاقات .. وربما وجد اليهود في كتبهم مثل هذه الاتفاقات (وبالمناسبة لليهود أدبيات غنية في التفسير الحروفي الرقمي للنصوص!) .. فلا نتأكد من شيء .. ونحن لا نجد كتابا ولا سنة ولا أثرا يرشدنا إلى مثل هذه الأمور ..
ولا يحق لأي مسلم أن يتهم أي مسلم بأن القول بوجود الاتفاقات غير المقصودة هو (منطق الملاحدة)، فما يُسمّى (نظاما) قد لا يكون سوى علاقات مصطنَعة أو إيجاد علاقات لا تعدو أن تكون تقديرات شخصية تقوم على ملاحظة جوانب وأهمال جوانب أخرى. وإن من حقنا أن نتأكد ونفكّر قبل التسليم بما ليس فيه كتاب ولا سنة ولا أثر.
وأقول أيضا: إن من يزعم أنه وجد اتفاقات عجيبة في أعداد الحروف والكلمات والآيات، يعني ذلك أنها مقصودة أي قصدها الله تعالى .. وأنى له أن يثبت ذلك؟!
ثم يا أخانا أبا عمرو البيراوي، أنا أناقشك لأن الناقش والمباحثة معك يتّسم بالطابع الجدي، وأنت خير من استدللت لمدرسة الإعجاز العددي من بين من شارك في الموضوع.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Nov 2009, 12:15 ص]ـ
.
وأقول أيضا: إن من يزعم أنه وجد اتفاقات عجيبة في أعداد الحروف والكلمات والآيات، يعني ذلك أنها مقصودة أي قصدها الله تعالى .. وأنى له أن يثبت ذلك؟!
.
وهنا يكمن الإشكال: إذا لم تكن مقصوده فماذا تكون؟
لاتنس أخانا الكريم أن الله تعالى قال:
(الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) سورة هود (1)
¥