ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:40 م]ـ

باب المحرم من المأكولات:

يقول السيوطي (وفي البرهان لإمام الحرمين إن قوله تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما الآية من آخر ما نزل)، وهذا فيه نظر للآتي:

- هذه الآية في سورة الأنعام المكية فلا يمكن إطلاقا أن تكون آخر ما نزل من القرآن

-لا أدري لماذا أورد السيوطي قول الجويني هنا حيث لم يزد ما كان يناقشه وهو "آخر ما نزل من القرآن " إلا تشويشا على القارئ الذي لم يطلع على قول الجويني؛ حيث كان الجويني يناقش الخلاف بين مالك والشافعي في المحرم من المأكولات؛ فمالك كان يرى أن القصر في قوله تعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) قصر حقيقي ولا محرم من المأكولات إلا ما ورد في الآية، وذهب الشافعي إلى أنه قصر إضافي والمعنى: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم وغيره، وقال الجويني (وهذه الآية من آخر ما نزل ولا خلاف أنها ليست منسوخة وقد تعلق مالك رحمه الله بموجبها ونزل مذهبه عليها فحرم ما اقتضت الآية تحريمه وأحل ما عداه) ثم وضح الجويني ما اعتمد عليه الشافعي من سبب النزول والسياق وبعض الأخبار ثم رجح قول الشافعي، وبذلك يصبح قول الجويني واضحا وهو أن الآية لم ينزل بعدها في بابها ما ينسخها

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:42 م]ـ

الترجيح بين آية النساء وآية التوبة:-

لم يبق في الترجيح إلا موضعين هما آخر النساء وآخر التوبة وكلا الموضعين قد وردت فيه أحاديث صحيحة، وكلا الموضعين يصلح لأن يكون آخر ما نزل من القرآن؛ لأنهما أواخر في سورتيهما عند التلاوة، وترتيب الآيات هو الأصل في النزول كما ذكر ابن عاشور، ولكن اعتبار آخر النساء هو آخر ما نزل فيه نظر للآتي:

- آخر النساء كان آخر ما نزل في الميراث، وقد روى البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي وأبو داود قال البراء بن عازب: (آخِرُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلاَلَةِ) وهذا الحديث أورده البخاري في كتاب الفرائض"المواريث" ومسلم في كتاب الفرائض، والبيهقي في السنن الصغرى في باب المواريث وفي السنن الكبرى في كتاب الفرائض، والنسائي في كتاب الفرائض، وأبو داود في كتاب الفرائض، وتنبه السيوطي إلى أن قول البراء آخر ما نزل "يستفتونك" أي في شأن الفرائض، وذهب الزمخشري أنها آخر ما نزل في الأحكام، وما ذهب إليه الزمخشري فيه نظر ولو قال آخر ما نزل في أحكام الميراث لكان صحيحا، ثم إن الحديث الذي أورده الزمخشري في هذا الشأن من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وهي سلسلة الكذب.

- هذه الآية نزلت في جابر بن عبد الله حين مرض كما روى مسلم وأحمد والنسائي والترمذي والبيهقي فقال له النبي: (مَا أُرَاكَ مَيِّتًا مِنْ هَذَا الْوَجَعِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِى أَخَوَاتِكَ فَبَيَّنَ فَجَعَلَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ) ولم يكن لجابر حينئذ ولد ولا والد وإنما كان يورث كلالة، وأبوه قد قتل في أحد، وله تسع أخوات، ثم ولد له بعد ذلك عبد الرحمن وعبد الله وعقيل ومحمد

إذن الراجح هو أن آخر ما نزل هو آخر التوبة؛ وذلك للآتي:

- هي آخر آيات في ترتيب السورة وليس في وسطها، خلافا لبعض الآيات الأخرى التي قيل إنها آخر ما نزل وهي في أوساط السور، كما أن هذه الآية أيضا تختلف عن آية الكلالة التي في آخر سورة النساء في أن آية الكلالة آخر آية في أحكام الميراث، وهذه الآية ليست من آيات الأحكام ولا باب لها في الأحكام لتندرج تحته

- روى الحاكم في المستدرك وأحمد والطبراني في المعجم الكبير عن أبي بن كعب قال آخر آية نزلت: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة)

- يؤيد أنها آخر ما نزل ما أخرج ابن مردويه من أنها آخر القرآن بالسماء عهدا

- كأنما أراد الله تعالى بالآية الأخيرة في التوبة أن يذكر المؤمنين بصفات نبيهم العظيمة عند اقتراب موته وانقطاع صحبته؛ فذكر أنه في غاية الشفقة عليهم وشاق وشديد على نفسه عنتهم ومشقتهم ولقاؤهم المكروه في دينهم ودنياهم حريص على سعادتهم وصلاح شأنهم كثير الرأفة والرحمة بهم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015