تأمل شخصي في معنى "أن آتاه الله الملك" من خلال نافذة اللغة.

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[31 صلى الله عليه وسلمug 2009, 01:13 ص]ـ

ما أحسن أن يؤصل الطالب علمه في علم اللغة فهي مفتاح عظيم من مفاتيح التأمل وكشف اسرار القرآن الحكيم وإني لموقن أن المعتني باللغة من مشايخنا مشايخ التفسير في هذا الملتقى أدرى مني بهذا وأخبر.

للفظة "الملك" معنى آخر غير معنى حيازة الشيء وهو معنى الشد والضبط، ومنه قول الشاعر:

ملكت بها يدي فأنهرت فتقها = = يرى قائمٌ من دونها ما وراءها.

وعندها تذكرت قول الله تعالى عن الذي حاج إبراهيم "أن آتاه الله الملك" فبالإضافة إلى معنى الحيازة المتبادر، يضيف معنى الشد والضبط بعداً آخر وهو شعور هذا الملك بأنه قادر على التحكم والسيطرة فيما يجري حوله من الأشياء والظواهر، ولذلك ادّعى أنه يستطيع أن يحيي، ولذلك تفطن أبونا إبراهيم عليه السلام لهذا المعنى فجاءه بشيء خارج نطاق "الشد والضبط" البشري، فطلب منه أن يأتي بالشمس من المغرب، وهنا سقط في يده، وبهت الذي كفر. من هنا يتبين أن المجيء بوصف "الملك" في الآية مقصود لما يضيفه من معنى بالتدبر، وأحسب هذا المعنى أقرب لما ذكرت من مجرد كونه مالكاً لخزائن الملوك المعتادة، فإن الشعور بالقدرة على التحكم الكامل والسيطرة التامة من عجب النفس البشرية واغترارها، ومنه المعنى الذي في قوله تعالى "وظن أهلها أنهم قادرون عليها"، الحاصل أن هذا تأمل انقدح في ذهني لما وقفت على هذا المعنى لكلمة الملك.

ـ[رأفت المصري]ــــــــ[31 صلى الله عليه وسلمug 2009, 02:45 ص]ـ

جزاكم الله خيرا ..

كلامٌ لطيف، وأضيف تدبّراً آخر في الآية إلى تدبركم:

فقوله تعالى: (أن آتاه الله الملك) تعليل لمحاجّة الملك إبراهيمَ في ربه، قال الحق تعالى: (ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك .. )

والمشار إليه - والله أعلم - من جعل إيتاء الله المُلكَ لذلك المَلك سبباً في محاجة إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم أنه لولا إيتاء الله له لما ذهب ولا أتى .. ولما كان ملكاً أصلاً!

إلا أن الله قد أعطاه المُلك وتمنّن عليه به من غير حولٍ منه ولا قوة، فما كان منه إلا أن عصى الله بما آتاه، وحاربه بما وهبه!! ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

ومثل هذا الموضع قوله تعالى في سورة براءة في الكلام عن إجرام المنافقين ونقمتهم على دين الله رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال:

(وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله)

فما كان هؤلاء المنافقون إلا عالة فقراء، فلما أعطاهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأغناهم بما أعطاهم؛ جعلوا ذلك سبباً في نقمتهم وعداوتهم لمن تفضّل عليهم وأحسن إليهم ..

وكذلك حال اللئام دائماً ..

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا (أو كما قال الشاعر)

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[31 صلى الله عليه وسلمug 2009, 03:42 ص]ـ

وهنا سقط في يده

جزاك الله خيرا يا شيخ رأفت و نفعنا بعلمكم.

وتصويب العبارة "أسقط"، كما لا يخفى.

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[31 صلى الله عليه وسلمug 2009, 12:36 م]ـ

جزاك الله خيرا أخي

ولي سؤال: لماذا لا يكون من آتاه الله الملك هو سيدنا إبراهيم عليه السلام؟! ألا تلاحظ أنه هو من يحاج إبراهيم وليس إبراهيم الذي يحاجه؟! كما أن الجملة وردت متصلة بإبراهيم , فلماذا ننزعها من سياقها ونجعلها للأول؟!

ـ[رأفت المصري]ــــــــ[01 Sep 2009, 01:21 ص]ـ

لا أظن أحداً قط - حسَب علمي - قال بأنّ الضمير في قوله تعالى: (أن آتاه الله الملك) يعود على إبراهيم ..

وكيف يكون المعنى إذاً - أيها الحبيب -؟

وهل أوتي إبراهيم ملكاً؟؟ وملك ماذا أوتي؟

وإذا كان إبراهيم الملك فكيف يدّعي الآخر أنه يحيي ويميت - زعم - كما أن الله يحيي ويميت؟؟

لا يمكن بحال أن يكون الذي أوتي الملك في الآية إبراهيم عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام!

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Sep 2009, 02:34 ص]ـ

لا أظن أحداً قط - حسَب علمي - قال بأنّ الضمير في قوله تعالى: (أن آتاه الله الملك) يعود على إبراهيم ..

وكيف يكون المعنى إذاً - أيها الحبيب -؟

وهل أوتي إبراهيم ملكاً؟؟ وملك ماذا أوتي؟

وإذا كان إبراهيم الملك فكيف يدّعي الآخر أنه يحيي ويميت - زعم - كما أن الله يحيي ويميت؟؟

لا يمكن بحال أن يكون الذي أوتي الملك في الآية إبراهيم عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام!

جزاك الله خيرا، واختيارك هو قول الجمهور كما نقل أبو حيان في البحر، مما يؤذن بوجود خلاف، وهو الحاصل ولكنه ضعيف بعيد لا يؤيده السياق، وهو قول المهدوي وقول للمعتزلة، قالوا الهاء تكنية عن إبراهيم وتعليلهم أن الله أخبر بأنه لا ينال عهده الظالمين، وأن الملك نوع عهد، قال أبو حيان: "ورُد قول المعتزلة بأن إبراهيم ما عرف بالملك، وبقول الكافر أنا أحيي وأميت ... ". (البحر المحيط: 2/ 298 - 299)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015