ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[27 صلى الله عليه وسلمug 2009, 05:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ها أنا أعود إلى هذا المتلقى المبارك، والعود أحمد، وما أجمل العودة إليه في شهر القرآن الكريم، وفي شهر الصيام والدعاء، ولذا فإن مشاركتي لها علاقة بالصيام والدعاء معا، بل هي كشف لهذه العلاقة الحميمة التي بينهما من خلال وقفة تأملية بلاغية لقول الله تعالى ?وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤموا بي لعلهم يرشدون ? وستكون هذه المشاركة على جزأين، الأولى: بيان للعلاقة بين الدعاء والصيام، والثانية: وقفة مع بلاغة آية الدعاء، والله أسال التوفيق والقبول. [ align=justify] يقول الله تعال- في ثنايا آيات الصيام -: ? وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤموا بي لعلهم يرشدون ? في مجيء هذه الآية التي تحث المسلمين على الدعاء وترغب فيه بين آيات الصيام سرٌّ انطوى تحتها، ولطائف دفعت كثيراً من المفسرين إلى النظر والتأمل في مناسبة هذه الآية ووقوعها بين آيات الصيام، ولذا فقد كان هذا الأمر تحت نظر كثير من المفسرين والمتأملين، فقد أشاروا إلى هذا الأمر، وقد قادهم نظرهم الثاقب، وتأملهم الدائم إلى كثير من الأسرار والحكم، يقول: د. حسن محمد باجودة عن هذا الآية: ((في أعماق حديث الآيات الكريمات عن الصيام تجيء الآية الكريمة التي تحث المسلمين لله رب العالمين على الإقبال على الله – تعالى – بفعل الطاعات، واجتناب المعصيات، وبدعائه – عز وجل – فإنه تعالى قريب من عباده، مجيب دعوة الداعي إذا دعاه، إن هذا الانعطاف في الحديث ثم العودة إلى الحديث عن الصيام قمين بالتأمل والتدبر)) (1). وقد حظي هذا الأمر بالتأمل والتدبر من المتشغلين بكتاب الله، فقد دققوا النظر، وأمعنوا فيه، وقدحوا زناد فكرهم، فقادهم نظرهم الثاقب، وتأملهم الدائم إلى كثير من الأسرار واللطائف، ومما ذُكر في ذلك، أن هذه الآية من متممات الآيات التي سبقتها، وأنها مكينة في مكانها ذات صلة وثيقة بما تقدمها، وبيان ذلك: أنه – سبحانه – حث المؤمنين في الآية التي قبلها على تكبيره، وعلى شكره على ما أنعم به عليهم، وقيضهم لهم، ويسره عليهم من تمام الصيام، فذكر في هذه الآية أن الذي يكبرونه ويشكرونه قريب منهم، مجيب لهم إذا دعوه، ولذا أمرهم بدعائه والاستجابة له، ثم شرع بعد ذلك ما بقي من أحكام الصيام. (2).
وثمة سرٌّ آخر في مناسبة الآية أشار إليه ابن كثير في تفسيره، يقول: ((وفي ذكره – تعالى – هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إشارة إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، كما روى أبو داود الطيالسي في مسنده، عن عبدالله بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة، فكان عبدالله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعاء))). (3)
بيد أن السرَّ في مجيء آية الدعاء بين آيات الصيام لا تقف عند حد، ولا تنتهي إلى غاية، فسيظل الأمر مفتوحاً للمتأملين، ويبقى الأمر من قبل ومن بعد فتحه – سبحانه – وفيضه يمنُّ به على من يشاء من عباده، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وقد ذكر الرازي في تفسيره كثيراً من التعليلات في مناسبة هذه الآية، والحكمة من مجيئها بين آيات الصيام، ومن الوجوه التي ذكرها: ((أن الله – سبحانه – أمر بالتكبير أولاً ثم رغب في الدعاء ثانياً؛ تنبيهاً على أن الدعاء لا بد وأن يكون مسبوقاً بالثناء الجميل، ألا ترى أن الخليل- عليه الصلاة والسلام - لما أراد الدعاء قدم عليه الثناء فقال – أولاًـ: ? الذي خلقني فهو يهدين* والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضتُ فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين* والذي أطمع آن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) وكل هذا ثناء منه على الله – تعالى – ثم شرع بعده في الدعاء فقال: ? رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين ? (4) فكذا هاهنا أمر بالتكبير أولاً، ثم شرع بعده في الدعاء ثانياً)). (5)
[/ align)
(1) تأملات في سورة البقرة: 2/ 1035.
(2) انظر: الجامع لأحكام القرآن: 3/ 431.
(3) تفسير القرآن العظيم: 1/ 234.
(4) الشعراء: 87 ـ 83.
(5) التفسير الكبير: 5/ 80.
ـ[الغزالي]ــــــــ[29 صلى الله عليه وسلمug 2009, 02:03 ص]ـ
العود أحمد
جزيتم خيراً، وقد لفت نظري أن آيات الصيام بدأت بالتقوى وختمت بالتقوى
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[11 Sep 2009, 05:51 م]ـ
شكرا لك أخي الفاضل، وملحوظتك في محلها، وفي ذلك سر بلاغي انطوى تحته هذا الختام، وسأشير إليه في مشاركة قادمة ـ إن شاء الله ـ في حديثي عن بلاغة الآية الأخيرة من أيام الصيام، دعواتي لك ووفق الله الجميع