وقال ابن أبي حاتم في " العلل" (1677): ((وسألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه أبو أحمد الزبيري، وروح بن عبادة، عن سفيان الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبيِّ ... الحديث، فقالا جميعاً: هذا خطأ؛ رواه المتقنون من أصحاب الثوري، عن الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بلا مسروق)).

وهذا هو الصواب، فإذا قارنّا بين من رواه موصولاً ومن رواه منقطعاً، وجدنا أنَّ من رواه منقطعاً هم الثقات الأثبات من أصحاب سفيان. فاتضح بذلك أنَّ الصواب عن الثوري ما روي منقطعاً.

ولقائل أن يقول: قد قدمتم أن سفيانَ رواه عنه أربعةٌ من الرواة فذكروا في أسانيدهم مسروقاً، وخالفهم ثلاثة من الرواة فلم يذكروا مسروقاً فهل

يجعل هذا الاضطراب على سفيان على اعتبار عدم إمكانية الجمع بين

الروايتين؟

فنقول: قد تقدم أن الروايات التي فيها ذكر مسروق عامتها ضعيفة وإن اختلفت أسباب الضعف، أما الروايات التي لم يذكر فيها مسروق فعامتها صحيحة، وأصحابها أجلة هذا العلم وعليهم المعول في معرفة الصحيح من السقيم، وهم أوثق الناس في سفيان فلو كان ذكر مسروق فيه صحيحاً لكان هؤلاء هم أولى بحفظه من نظرائهم فلا شك في ترجيح روايات عبد الرحمان بن

مهدي ومن وافقه على روايات مخالفيهم، زد على ذلك ترجيح الأئمة

لرواياتهم، والله أعلم.

ووقفت على طريق آخر يرويه سعيد بن منصور (501) (التفسير) قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن أبي الضحى، عن

مسروق، عن ابن مسعود، به (10).

وظاهر هذا الإسناد الصحة، فرجاله ثقات، وهو بهذه الصورة يكون متابعاً جيداً لحديث محمد بن عبيد الطنافسي ومن تابعه، إلا أنَّ محقق كتاب "سنن سعيد بن منصور" ذكر أنَّ عبارة (عن مسروق) ليست في أصل المخطوط التي اعتمدها في التحقيق وأنه ذكرها لوجود الحديث بهذا الإسناد عند ابن كثير في " تفسيره ": 373.

والذي يظهر لي والله أعلم أنَّ لفظة: ((عن مسروق)) ليست في حديث سعيد بن منصور لعدم وجودها في النسخة المحققة، كما أنَّ العلماء المتقدمين قد حكموا على حديث سفيان المنقطع بالصحة، ولو كان حديث سعيد بن منصور ثابتاً عندهم بنحو ما ذكره ابن كثير في " تفسيره " لما أغفلوه ولا اعتبروا به حين الترجيح بين الروايات.

وقد اغترّ الشيخ أحمد محمد شاكر بطريق أبي الأحوص هذا فرجح من خلاله ما روي عن سفيان الثوري متصلاً باعتبار رواية سعيد بن منصور عن أبي

الأحوص متابعة لحديث سفيان المتصل.

وللحديث طريق آخر:

أخرجه: وكيع في " تفسيره " كما في " تفسير ابن كثير ": 373 قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.

وهذا الطريق وهمٌ أو خطأ من النساخ يدل على ذلك أن ابن المنذر أخرج هذا الحديث في " تفسيره " (583) من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، به.

وأخرجه: ابن المنذر في " تفسيره " (582) قال: أخبرنا علي بن

عبد العزيز، قال: حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الضحى، عن عبد الله، قال: أراه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.

انظر: " تحفة الأشراف " 6/ 429 (9581) و 6/ 431 (9588)،

و " أطراف المسند " 4/ 224 (5759)، و " إتحاف المهرة "10/ 474 (13219) و 10/ 520 (13328).

وكتبه د ماهر الفحل

...............................................

(1) في مستدرك الحاكم: ((وعن أبي الضحى)) وهو خطأ، والتصويب من"الإتحاف" 10/ 474

(13219) وقد تكرر هذا الخطأ في طبعة علوش 3/ 8.

(2) آل عمران: 63.

(3) سقط من مطبوع " تاريخ دمشق ": ((مسروق)) والذي يدل على ثبوته في السند أن ابن عساكر أخرجه من طريق الشاشي، وعند رجوعي إلى المسند له وجدته في السند المذكور.

(4) الروايات مختلفة الألفاظ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015