ـ[محمد العبادي]ــــــــ[29 صلى الله عليه وسلمug 2009, 06:19 م]ـ

الجزء السابع 2/ 2

قال تعالى: (وهو الذي يتوافكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى) [الأنعام 60] علامَ يعود الضمير في قوله: (ثم يبعثكم فيه)؟ وما المراد بالبعث هنا؟

الضمير يعود إلى النهار، والمراد الإفاقة من النوم، وإنما استعير لفظ البعث لأنه البعث شاع في إحياء الميت وخاصة في القرآن (وقالوا أئذا كنا ترابا وعظاما إنا لمبعوثون) وحسن هذه الاستعارة كونها مبنية على استعارة للتوفي للنوم تقريبا لكيفية البعث التي حارت فيها عقولهم، فكل من الاستعارتين مرشح للأخرى.

قال تعالى: (ويوم يقول كن فيكون قوله الحق) [الأنعام 73] ما إعراب هذه الجملة من الآية الكريمة؟ وكيف يكون معناها؟

أشكل نظم هذه الآية على المفسرين، والوجه أن (ويوم يقول كن فيكون) ظرف وقع خبرا مقدما للاهتمام به، والمبتدأ هو (قوله)، و (الحق) صفة للمبتدأ، فأصل التركيب: وقوله الحق يوم يقول كن فيكون.

ونكتة الاهتمام بتقديم الظرف: الرد على المشركين المنكرين هذا التكوين بعد العدم.

وهذا القول قول مستقبل، وهو الخلق الثاني بعد الخلق الأول، ولذلك أتى بكلمة (يوم) للإشارة إلى أنه يوم تكوين خاص مقدر له يوم معين. ووصفه بالحق للرد على المشركين أيضا، فالله تعالى قد أنشأ السماوات والأرض بالحق، وهو يعيد الخلق الذي بدأه بقول حق، فلا يخلو شيء من تكوينه الأول ولا من الثاني عن الحق.

ما نوع الاستثناء في قوله تعالى: (ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا)؟ وما توجيهه؟

جعل ابن عطية هذا الاستثناء منقطعا، وهو ظاهر كلام الطبري، وهو الأظهر، فإنه لما نفى أن يكون يخاف إضرار آلهتهم وكان ذلك قد يتوهم منه السامعون أنه لا يخاف شيئا، إذ كان قومه لا يعترفون برب غير آلهتهم، استدرك عليه بما دل عليه الاستثناء المنقطع، أي لكن أخاف مشيئة ربي شيئا مما أخافه، فذلك أخافه.

وفي هذا الاستدراك نكاية لقومه، إذ كان لا يخاف آلهتهم في حين أنه يخشى ربه المستحق للخشية.

ـ[محمد العبادي]ــــــــ[30 صلى الله عليه وسلمug 2009, 01:21 ص]ـ

الجزء الثامن

ما المراد بقوله تعالى: (وكذلك جعلنا في قرية أكابر مجرميها) [الأنعام 123]؟ وما سر التعبير بهذا اللفظ؟

في قوله تعالى: (اكابر مجرميها) إيجاز، لأن المعنى: جعلنا في كل قرية مجرمين، وجعلنا لهم أكابر، فلما كان وجود الأكابر يقتضي وجود من دونهم استغنى بذكر أكابر المجرمين.

ما المراد بقوله تعالى: (ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن) [الأنعام 154]؟

(الكتاب) هو المعهود، أي التّوراة، و (تماما) حال من الكتاب، والتّمام الكمال، أي كان ذلك الكتاب كمالاً لما في بني إسرائيل من الصّلاح.

والموصول في قوله: (على الذي أحسن) مراد به الجنس، فلذلك استوى مفرده وجمعه. والمراد به هنا الفريق المحسن، أي تماماً لإحسان المحسنين من بنِي إسرائيل.

قرأ حفص: (دينا قِيَما ملة إبراهيم حنيفا) [الأنعام 161] بكسر القاف وفتح الياء مخففة، فما معنى هذه الكلمة على هذه القراءة؟

هذا من صيغ مصادر (قام)، فهو وصف للدّين بمصدر القيام المقصودِ به كفاية المصلحة للمبالغة، وهذه زنة قليلة في المصادر، مثل عِوَض وحِوَل، وهذَا كشذوذ جياد جمع جواد.

ما المراد بالأعراف على الراجح؟

ذكر الله تعالى أن هناك سورا ضُرب فاصلاً بين مكان الجنّة ومكان جهنّم، وهو ما سماه الله هنا حجابا، وفي سورة الحديد سماه سورا: (فضرب بينهم بسور).

و (أل) في الأعراف للعهد. وهي الأعراف المعهودة التي تكون بارزة في أعالي السّور. فنظم الآية يأبى أن يكون المراد من الأعراف مكاناً مخصوصاً يتعرّف منه أهل الجنّة وأهل النّار، إذ لا وجه حينئذٍ لتعريفه مع عدم سبق الحديث عنه.

أما أهل الأعراف فما نقل عن بعض السّلف أنّهم قوم اسْتوت موازين حسناتهم مع موازين سيّئاتهم، ويروى فيه أخبار مسندة إلى النّبي صلى الله عليه وسلم لم تبلغ مبلغ الصّحيح ولم تنزل إلى رتبة الضّعيف: روى بعضَها ابنُ ماجة، وبعضَها ابنُ مردويه، وبعضَها الطّبري، فإذا صحت فإنّ المراد منها أن من كانت تلك حالتهم يكونون من جملة أهل الأعراف المخبر عنهم في القرآن بأنّهم لم يدخلوا الجنّة وهم يطمعون. وليس المراد منها أنّهم المقصودُ من هذه الآية كما لا يخفى على المتأمّل فيها.

والذي ينبغي تفسير الآية به: أن الأعراف جعلها الله مكاناً يوقف به من جعله الله من أهل الجنّة قبل دخوله إياها، وذلك ضرب من العقاب خفيف، فجعل الدّاخلين إلى الجنّة متفاوتين في السبق تفاوتاً يعلم الله أسبابه ومقاديره، وخصّ الله بالحديث في هذه الآيات رجالاً من أصحاب الأعراف.

قوله تعالى: (أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون) [الأعراف 49] هل هو مما حكاه الله من كلام أصحاب الأعراف؟

نعم هذه الجملة من كلام أصحاب الأعراف.

وجملة: (ادخلوا الجنة) قيل مقول قول محذوف اختصاراً لدلالة السّياق عليه، وحذفُ القول في مثله كثير ولا سيما إذا كان المقول جملة إنشائيّة، والتّقدير: قال لهم الله ادخلوا الجنّة فكذّب اللَّهُ قسمَكُم وخيّب ظنّكم، وهذا كلّه من كلام أصحاب الأعراف.

والأظهر أن يكون الأمر في قوله: (ادخلوا الجنة) للدّعاء لأنّ المشار إليهم بهؤلاء هم أناس من أهل الجنّة، وإذ قد كان الدّخول حاصلاً فالدّعاء به لإرادة الدّوام كما يقول الدّاعي على الخارج: أخرج غير مأْسوفٍ عليك، ومنه قوله تعالى: (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015