ساق ابن عاشور ما ذكره المفسرون من تطلب مناسبة لهذه الآيات، ولكنه ضعف ما ذكروه وقال بعدها: "وعندي بادىء ذي بدء أن لا حاجة إلى اطّراد المناسبة، فإن مدّة نزول السورة قابلة لأن تحدث في خلالها حوادث ينزل فيها قرآن فيكون من جملة تلك السورة، فتكون هاته الآية نزلت عقب ما نزل قبلها فكتبت هنا ولا تكون بَينهما مناسبة إذ هو ملحق إلحاقاً بالكلام".

لماذا جاء التنويه بالذكر والأنثى وأن بعضهم من بعض في قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)؟

وجه الحاجة إلى هذا البيان هنا أنّ الأعمال التي أتوا بها أكبرها الإيمان، ثم الهجرة، ثم الجهاد، ولمّا كان الجهاد أكثر تكرّراً خيف أن يتوهّم أنّ النساء لا حظّ لهنّ في تحقيق الوعد الذي وعد الله على ألسنة رسله، فدفع هذا بأنّ للنساء حظّهنّ في ذلك فهنّ في الإيمان والهجرة يساوين الرجال، وهنّ لهنّ حظّهنّ في ثواب الجهاد لأنّهن يقمن على المرضى ويُداوين الكلْمى، ويسقين الجَيش، وذلك عمل عظيم به استبقاء نفوس المسلمين، فهو لا يقصر عن القتال الذي به إتلاف نفوس عدوّ المؤمنين.

قال تعالى: (ولا تؤتوا السفاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم) لماذا لم يتعد الفعل بـ (من) فيكون: وارزقوهم منها؟

لأنه لا يقصد التبعيض الموهم للإنقاص من ذات الشيء، بل يراد أنّ في جملة الشيء ما يحصل به الفعل: تارة من عينه، وتارة من ثمنه، وتارة من نتاجه، وأنّ ذلك يحصل مكرّراً مستمرّاً. وهذا معنى بديع في الاستعمال لم يسبق إليه المفسّرون هنا، فأهمل معظمهم التنبيه على وجه العدول إلى (في)، واهتدى إليه صاحب «الكشاف» بعض الاهتداء.

قال تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ما نوع الاستثناء هنا؟ وماذا يفيد؟

ليس إتيانهنّ بفاحشة مبيّنة بعضاً ممّا قبل الاستثناء لا من العضل ولا من الإذهاب ببعض المهر. فيحتمل أن يكون الاستثناء متّصلا أي إلاّ حال الإتيان بفاحشة فيجوز إذهابكم ببعض ما آتيتموهنّ. ويحتمل أن يكون استثناء منقطعاً في معنى الاستدراك، أي لكن إتيانهنّ بفاحشة يُحِلّ لكم أن تذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ.

والحكم واحد على الاحتمالين والمقصود به الخُلع.

قال تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) ما الفائدة من هذا الوصف للأبناء؟

قوله: {الذين من أصلابكم} تأكيد لمعنى الأبناء لدفع احتمال المجاز، إذ كانت العرب تسمّي المتبنَّى ابناً، وتجعل له ما للابن، حتّى أبطل الإسلام ذلك.

ـ[محمد العبادي]ــــــــ[26 صلى الله عليه وسلمug 2009, 08:01 م]ـ

الجزء الخامس

ختم قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ... ) بـ (إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) فلماذا جاء الذم بهاتين الصفتين تحديدا؟

لأنهما منشأ للغلظة والجفاء، فينافيان الإحسان المأمور به.

قال تعالى: (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) هل قوله: (ولا يكتمون ... ) استئناف أم متعلق بما قبله؟

هذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفة والواو عاطفة لها على جملة: (يود ... )، ويجوز أن تكون حالية، أي: يودون لو تسوى بهم الأرض في حال عدم كتمانهم، فتمنوا أن يخفوا ولا يظهروا حتى لا يُسألوا فلا يضطروا إلى الاعتراف الموبق ولا إلى الكتمان المهلك.

ما إعراب (والمستضعفين) في قوله تعالى: (وما لكم لا تقاتلون في سبل الله والمستضعفين ... )؟

مجرورة عطفا على المجرور بـ (في) قبلها، أي: ما لكم لا تقاتلون لأجل دين الله ومرضاته، ولأجل المستضعفين، أي لنفعهم ودفع المشركين عنهم.

ما مناسبة قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية ... ) للآيات قبلها؟

أنّ الشفاعة تقتضي حضور الشفيع عند المشفوع إليه، وأنّ أول بَوادر اللقاء هو السلام وردّه، فعلّم الله المسلمين أدب القبول واللقاء في الشفاعة وغيرها، وهذا دأب القرآن في انتهاز فرص الإرشاد والتأديب.

وبهذا البيان تنجلي عنك الحيرة التي عرضت في توجيه انتظام هذه الآية مع سابقتها، وتستغني عن الالتجاء إلى المناسبات الضعيفة التي صاروا إليها.

ما الحكمة من التكرار في قوله تعالى: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا)؟

ليس المراد بقوله: (ثم ازدادوا كفرا) أنهم كفروا كفرة أخرى، بل المراد الإجمال، أي ثم كفروا بعد ذلك، كما يقول الواقف: وأولادهم وأولاد أولادهم وأولاد أولاد أولادهم، لا يريد بذلك الوقوف عند الجيل الثالث. ويكون المراد من الآية: أن الذي عُرف من دأبهم الخفة إلى تكذيب الرسل، وإلى خلع ربقة الديانة، هم قوم لا يغفر لهم صنعهم، إذ كان ذلك عن استخفاف بالله ورسله.

ـ[محب القراءات]ــــــــ[27 صلى الله عليه وسلمug 2009, 12:54 ص]ـ

أحسنت يا أبا إبراهيم , فتح الله عليك وزادك توفيقا وعلما.

واصل حفظك الله ونحن متابعون معك.

وأحب أن أضيف هنا فائدة من الجزء الخامس ذكرها فضيلة الشيخ / محمد بن عبدالله القحطاني (أبو مجاهد العبيدي) في حلقة اليوم 5/ 9 / 1430 الماتعة من برنامج التفسير المباشر على قناة دليل الفضائية.

وهي أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على تنفيذ ما يوعظ به, فقد ذكر الله تعالى أربع فوائد لمن فعل ما يوعظ به قال تعالى (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما)

1. (لكان خيرا لهم).

2. (وأشد تثبيتا).

3. (لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما).

4. (ولهديناهم صراطا مستقيما).

ضيف الحلقة 70 من التفسير المباشر يوم الأربعاء 5 رمضان 1430هـ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=17004)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015