قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ

و قوله تعالى:

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا

و يعضدنا أيضا قوله تعالى:

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

أما المثاني فإن شئت أنها صفة لهذه السبعة و هي صفة للكتاب على عمومه .. و يبينه قوله تعالى:

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ

فإن قلت أن ذلك أحسن الحديث و هو كتاب أيضا .. أصبح الكتاب كتابين .. و هو كلام باطل .. و إن اطمأن إليه قلبك على بطلانه أبطل ما ذهبت إليه من كون القرآن جزء من الكتاب ..

فالقرآن هو ما يقرأ بالوحي و الكتاب ما خطه القلم بالوحي أيضا .. و الذي يحاججنا بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكتب أصلا و لا تعلم الخط قلنا له إنه لم يتعلم فمن أين آتاه القرآن .. و سيقولون من عند الله .. و سنقول لهم إن الذي علمه الحرف وحيا قادر أن يرسم شكله في قلبه دون أن يتعلم كتابته بيده .. و هذا كلام يطول شرحه و ليس هذا مجاله غير أنه من البد الإشارة إليه ..

فالكتاب هو ما خط و يفسره قوله تعالى:

وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ

لذلك يضاف إليه فعل اقرأ كما في قوله تعالى:

اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا

و قوله تعالى:

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ

و قوله تعالى:

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا

و هو ما ذهب إليه الناس أن ينزل عليهم كتابا مكتوبا .. و يفسره قوله تعالى:

وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

و الذي أنزله الله من كتاب و قرآن إنما أنزله وحيا ..

ثم قولك أن ليس في الفاتحة ما تطلب فيه الفتنة أو التأويل .. فإن ما حصل من طرح الموضوع يجيبك عنه ..

ثم أني أنبهك إلى شيء هو أن تمحص القول جيدا قبل أن تطلق الحكم على من سبقك بالعلم و الصحبة أنهم ليسوا على شيء من هذا العلم .. و لعلي أذكرك بقوله تعالى:

وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

فإن كنت ترى أن العقل وسيلة للإدراك .. فإني أقول لك إنه وسيلة لإدراك ما يدرك .. و من علم القرآن ما لا يدركه العقل فتبينه لنا سنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم.

ثم أجدك تقول

فأنت تقول أن استثنائك لعلي من بين الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كان مرده كون علي كرم الله وجهه كان سمع القرآن مباشرة من النبي عليه الصلاة و السلام، و أنا أقول لك أين كان بقية الصحابة حين كان علي يستمع لذلك، أم إنهم وقتها كانوا مشتغلين بكرة القدم؟

و هل أمر الرسول بإبلاغ القرآن و إسماعه فقط لعلي؟ فأين الخبر الذي يورد ذلك؟

إنك تسقظ بهذا الكلام .. غير أني لا أحب لك العثرة لذلك فأنا أكلمك بإخلاص قلب و إن كان في قولي شيء من الغلظة التي أظنك ستتحملها مني ..

ثم قلت:

فهذا لا أدريه .. أما الذي أدريه هو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ذات يوم يخطب على المنبر في المدينه .. فسمعوه يقول في أثناء الخطبة: ياسارية .. الجبل ... ياسارية الجبل ..

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015