بقيت أربع مسائل

المسألة الأولى: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في المعاصي دون الشرك فيما سوى الفواحش والخيانات وما يسقط العدالة ويخرم المروءة.

المسألة الثانية: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من فعل خلاف الأولى.

المسألة الثالثة: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الخطأ في الاجتهاد في النوازل التي لا نص فيها وقت حدوثها.

المسألة الرابعة: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من السهو والنسيان

فأما السهو والنسيان فقد وقع منه صلى الله عليه وسلم كما ثبت في النصوص وتعلق بذلك أحكام انتفع بها المسلمون كما في الصحيحين من حديث إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قال إبراهيم ' زاد أو نقص - فلما سلم قيل له: يا رسول اللَّهِ، أحدث في الصلاة شيء؟

قال: وما ذاك؟

قالوا: صليت كذا وكذا.

قال: فثنى رجليه واستقبل القبلة، فسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: (إنه لو أُحدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحرى الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين).

وفيه أدلة أخرى.

وأما اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيما سوى النص فثابت بدلالة النصوص لكنه معصوم من أن يقرَّ على اجتهاد خاطئ

وسأضرب لكم ثلاثة أمثلة لاجتهادات أقرَّ عليها

وثلاثة أمثلة لاجتهادات لم يقر عليها على سبيل الإشارة إذ مثلكم تكفيه الإشارة عن التطويل.

فمن أمثلة اجتهاداته التي لم يقر عليها:

1 - أخذه صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم بدر قبل الإثخان في قتل الكفار

2 - إعراضه عن الأعمى

3 - إذنه لبعض المنافقين في التخلف عن غزوة العسرة

ومن أمثلة اجتهاداته التي أقر عليها:

1 - شربه للبن عندما خيره جبريل بين اللبن والخمر

2 - اجتهاده في قتال الكفار يوم أحد خارج المدينة

3 - تركه هدم البيت وإعادة بنائه على قواعد إبراهيم

وأما العصمة من فعل خلاف الأولى فإن كان فيما يتعلق بشؤونه في خاصة نفسه فغير معصوم لقوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)

وإن كان فيما يتعلق بالبيان وتبليغ الرسالة فهو معصوم من الإقرار عليه.

وأما مسألة العصمة من المعاصي دون الشرك ففي تفاصيله نزاع طويل بين أهل العلم من أهل السنة وغيرهم

حتى الأشاعرة بينهم خلاف كثير في تفاصيل هذه المسألة ذكر بعضه الرازي في المحصول وذكره ابن طاهر وذكره غير واحد

وكذلك المعتزلة بينهم خلاف طويل فصل فيه عضد الدين الإيجي في كتاب المواقف

فمن أراد تفصيل ذلك فليرجع إليه.

لكن أجمع أهل السنة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الإقرار على الذنوب مطلقاً

واختُلف في نقل الإجماع على العصمة من الكبائر مطلقاً فنقل الإجماع عليه بعض أهل العلم كما فعل الشنقيطي في أضواء البيان وغيره

وذكر الخلاف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية

وجمهور أهل العلم على إمكان وقوع بعض الصغائر لكنه معصوم من الإقرار عليها

وكلام المحققين من المفسرين في هذا المعنى مشتهر معروف

وأختم المشاركة بمقتطفات من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

قال رحمه الله: (الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ كِبَارِهَا وَصِغَارِهَا وَهُمْ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُمْ مِنْ التَّوْبَةِ يَرْفَعُ دَرَجَاتِهِمْ وَيُعَظِّمُ حَسَنَاتِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ نَقْصًا؛ بَلْ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ الكمالات وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُن

ـ[الجكني]ــــــــ[04 صلى الله عليه وسلمug 2009, 10:17 ص]ـ

جزيتم خيراً أخي الكريم الشيخ عبدالعزيز الداخل على هذا الملخص الكامل الإفادة، وما أرى تعبيركم بعبارة " خلاف الأولى " إلا بتوفيق من الله تعالى في المداخلة، فهي تكتب بماء الذهب.

ـ[محبة القرآن]ــــــــ[04 صلى الله عليه وسلمug 2009, 03:06 م]ـ

شكر الله للجميع حرصهم على حماية جناب الشريعة وحمايتهم لجناب محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الإثراء المفيد

وكل كلام المداخلين لا غبار عليها

فمقام نبينا محفوظ وهو عليه الصلاة والسلام معصوم في أمور الشريعة وتبليغ الدين ولذا قال تعالى: (ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ... ) وفي آية أخرى: (ولولا أن ثبتانك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) فربنا قد ثبّت نبيه عن الخلل أو النقص في الدين فلبلغ أتم البلاغ وأوضح أتم إيضاح

ولذا أمر ربنا نبينا بعد التعجل بتلقي القرآن وأخبره أنه تكفل بجمعه له في سورة القيامة بقوله:

(لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه)

أما أمور الدنيا فنبينا بشر كالبشر اجتهد في تأبير النخل فخربت فقال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم)

أرى أن الجميع متفقون لا مختلفون لكن قد قد يكون اختلاف في فهم العبارة أو أحيانا بسبب سوق العبارة في سياق معين في جملة معينة حدا بها لأن تفهم على غير المراد

والله المستعان وعليه التكلان

وأكرر شكري لكل الإخوة على غيرتهم وحبهم لنبيهم وسعيهم لحماية جناب الشريعة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015