11 - أن هذا الأصل به تفض المنازعات، وإليه ترد الخلافات، كما قال سبحانه:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" [النساء: 59]، وقال جل شأنه: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" [الشورى: 10]. قال الشافعي: "ومن تنازع ممن بعد رسول الله رد الأمر إلى قضاء الله ثم قضاء رسوله، فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء نصا فيهما ولا في واحد منهما ردوه قياسًا على أحدهما" (23). وقال ابن تيمية: "فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب ردّ ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه" (24). 12 - أن هذا الأصل تمتنع معه الاستشارة. قال البخاري: "وكانت الأئمة بعد النبي –صلى الله عليه وسلم- يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها. فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره؛ اقتداءً بالنبي –صلى الله عليه وسلم-" (25). 13 - أن هذا الأصل يوجب تغيير الفتوى لمن أفتى بخلافه. وقد بوب الدارمي (26) لذلك في سننه، فقال: "باب الرجل يفتي بشيء، ثم يبلغه عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، فرجع إلى قول النبي –صلى الله عليه وسلم-" (1/ 153). 14 - أن هذا الأصل يوجب الرجوع عن الرأي وطرحه إذا كان مخالفًا له. وقد خصص الخطيب البغدادي لذلك بابًا في كتابه "الفقيه والمتفقه" فقال: "ذكر ما روي من رجوع الصحابة عن آرائهم التي رأوها إلى أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا سمعوها ووعوها" (1/ 138). 15 - أن هذا الأصل هو الإمام المقدم، فهو الميزان لمعرفة صحيح الآراء من سقيمها. قال الشافعي: " ..... وأن يجعل قول كل أحد وفعله أبدًا تبعًا لكتاب الله ثم سنة رسوله" (27). وقال ابن عبد البر: "واعلم يا أخي أن السنة والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة؛ بل السنة عيار عليه" (28). وقال ابن القيم: "وقد كان السلف يشتد عليهم معارضة النصوص بآراء الرجال، ولا يقرون على ذلك" (29). 16 - أن هذا الأصل إذا وجد سقط معه الاجتهاد وبطل به الرأي، وأنه لا يصار إلى الاجتهاد والرأي إلا عند عدمه، كما لا يصار إلى التيمم إلا عند عدم الماء. 17 - أن إجماع المسلمين لا ينعقد على خلاف هذا الأصل أبدًا قال الشافعي: " .. أو إجماع علماء المسلمين، الذين لا يمكن أن يجمعوا على خلاف سنة له" (30). وقال أيضًا:"أما سنة يكونون مجتمعين على القول بخلافها فلم أجدها قط" (31). 18 - أن القياس موافق لهذا الأصل، فلا يختلفان أبدًا. 19 - أن هذا الأصل لا يُعارض العقل، بل إن صريح العقل موافق لصحيح النقل دائمًا. 20 - أن هذا الأصل يقدم على العقل إن وجد بينهما تعارض في الظاهر. 21 - أن هذا الأصل كله حق لا باطل فيه. قال ابن تيمية: " ..... وذلك أن الحق الذي لا باطل فيه هو ما جاءت به الرسل عن الله، وذلك في حقنا، ويعرف بالكتاب والسنة والإجماع" (32). 22 - أن هذا الأصل لا يمكن الاستدلال به على إقامة باطل أبدًا؛ من وجهٍ صحيح (33). 23 - أن هذا الأصل يحصل به العلم واليقين، خلافًا لمن قال: إن الأدلة السمعية لا تفيد إلا الظن. 24 - أن في هذا الأصل الجواب عن كل شيء، إذ هو مشتمل على بيان جميع الدين أصوله وفروعه. قال الشافعي: "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" (34). 25 - أن هذا الأصل واضح المعاني ظاهر المراد، لا لبس في فهمه ولا غموض. قال ابن القيم: "وكذلك عامة ألفاظ القرآن نعلم قطعًا مراد الله ورسوله منها. كما نعلم قطعًا أن الرسول بلغها عن الله، فغالب معاني القرآن معلوم أنها مراد الله خبرًا كانت أو طلبًا، بل العلم بمراد الله من كلامه أوضح وأظهر من العلم بمراد كل متكلم من كلامه، لكمال علم المتكلم وكمال بيانه، وكمال هداه وإرشاده، وكمال تيسيره للقرآن، حفظًا وفهمًا، عملاً وتلاوة. فكما بلغ الرسول ألفاظ القرآن للأمة بلغهم معانيه، بل كانت عنايته بتبليغ معانيه أعظم من مجرد تبليغ ألفاظه" (35). 26 - أن في التمسك بهذا الأصل الخير والسعادة والفلاح، وفي مخالفته والإعراض عنه الشقاء والضلال (36). قال ابن تيمية: "أصل جامع في الاعتصام بكتاب الله ووجوب اتباعه، وبيان الاهتداء به في كل ما يحتاج إليه الناس في دينهم، وأن النجاة والسعادة في اتباعه والشقاء في مخالفته" (37). وقال أيضًا: "قاعدة نافعة في وجوب

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015