(فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا): أي في أي شيء أنت من ذكراها, كأنه يقول: ليس هذا من شأنك , كما قال صلى الله عليه وسلم لجبريل، عليه السلام، لما سأله عن الساعة قال:} ما المسؤول عنها بأعلم من السائل {, ولما قال له أعرابي: متى الساعة؟ قال:} ما أعددت لها؟ {, فأمر الساعة قد أخفاه الله، عز وجل، كما قال في آية الأعراف: (لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها) , فالساعة قد أخفاها الله , و كل ما تسمعون من دعاوى، ومزاعم، أن انتهاء العالم سيقع عام كذا، وكذا، فهو رجم بالغيب, يقول الله، عز وجل: (قل لا يعلم من في السموات ومن في الأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون).

(إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا): أي أن موعدها، علمه عند ربك , فهو مما اختص الله تعالى بعلمه، كما أخبر عن ذلك في آخر سورة لقمان فقال: (إن الله عنده علم الساعة).

(إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا): هذه مهمتك التي ينتفع بها غيرك؛ ليس الإعلان عن موعد الساعة , وإنما النذارة من هذه الساعة , (من يخشاها) يعني من يخشى الساعة، هو الذي تحصل له النذارة , والنذارة: هي الإخبار بالأمر المخوف.

(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا): يعني عشية يوم، أو ضحوته، والعشية هي آخر اليوم، والضحى أوله , كما أخبر سبحانه وتعالى في موضع آخر عنهم، فقال: (إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً) , سبحان الله! تمضي كل هذه السنين والعقود، فتبدوا للناظر يوم القيامة، كأنما هي عشية أو ضحاها, فيالها من موعظة بليغة!.

هذه السورة تقرع القلوب , وتوقظ النفوس الغافلة , وتحقق عقيدة الإيمان بالبعث. ففيها أبلغ رد على منكري البعث الذين زعموا أن لا بعث، ولا نشور. فجاءت هذه الآيات العظيمة مثبتة لليوم الآخر، مؤكدة للبعث الذي أخبر به النبيصلى الله عليه وسلم. ويلاحظ التماثل، والتناظر بين سورتي النبأ و النازعات.

الفوائد:

1 - أن أسماء القيامة أعلام وأوصاف.

2 - هول القيامة الكبرى؛ لأن الله سماها الطامة.

3 - ذكر الإنسان لسعيه بعد البعث.

4 - إثبات الجنة والنار.

5 - أن الجزاء من جنس العمل.

6 - إثبات أفعال العباد, وترتب الثواب والعقاب عليها, مما يدل على أن للعبد فعل، ومشيئة، واختيار يؤاخذ عليه، ويثاب عليه.

7 - كمال عدل الله عز وجل.

8 - شؤم الطغيان، وإيثار الشهوات.

9 - فضل الخوف من الله، ومجاهدة النفس.

10 - تشوف الناس للعلم بالساعة.

11 - اختصاص الله تعالى بعلم الساعة.

12 - أن العبرة بالإعداد لها.

13 - حقارة أمر الدنيا في الآخرة).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015