ـ[عدنان أجانة]ــــــــ[10 Jul 2009, 08:14 م]ـ
هذا بحث ماتع في موضوع الزيادة في القرآن، التي تقع العبارة بها على لسان كثير من المعربين. وقد يذهب الوهم بالناظر إلى أنهم عنوا بالزيادة ما كان زائدا لغير معنى، وليس الأمر كذلك، ولتجلية هذا المعنى أثبت للقارئ الكريم مقالين، في هذا الباب، أولهما لأستاذنا الدكتور عبد الرحمن بودرع نشره في مقهى اللغة العربية،
وهو على هذا الرابط، أثبته هنا مع قليل من التصرف.
http://www.al-maqha.com/showthread.php?t=588
قال حفظه الله:
(قضية الزيادة لحروف المعاني
*/ المقصود في حديثنا ههنا بالزيادة في الحروف، حروف المعاني مثل حروف الجر، وأدوات الشرط والاستفهام وحروف النفي ... وليس المقصود الحروف الصرفية التي تتصل بالكلمة فتُحدثُ فيها معنى، كتاء التأنيث ونحوها.
*/ قضية الزّيادة لحروف المعاني مسألة اختلفت فيها أقوال علماء العربية:
- هل هناك مقاصد من الإتيان بهذه الحروف أو يؤتى بها لمجرد الزيادة التي يقال عنها إنّها زيادة وإقحام للحرف تأكيدا أو تحسينا أو تقوية؟
- إذا جاز القول بالزيادة لحروف المعاني فهل يصحّ أن يُقالَ إنّ في كتابِ الله حروفا زائدة؟
أولا سميت هذه الحروفُ حروفَ معانٍ تمييزاً لها عن حروف المباني التي تتركّب منها الكلمة، من حروف المعجم التسعة والعشرين، أما حرف المعنى فهو قسيمُ الاسم والفعل، وهو يتضمن معنى وظيفيا يحدده السياق والمقام، ولا يحصل في الذّهن كامل الدّلالة إلا بذكر ما ينضمّ إليه من الأفعال والأسماء والجمل.
وللزّيادة عند النحاة أكثر من مفهوم:
1 - فقد يطلقون الحرف الزّائد على بعض الأحرف لأنها تتصل باللفظ رسماً، حتّى لا يُظنَّ أنّها جزء منه، والمثال على ذلك قول ابنِ خالويه: «بالله: جرّ بباء الصّفة، وهي زائدة، لأنك تقول: اللهِ، فتُسقطُ الباء، وحروف الزوائد في صدور الأسماء ثلاثة: اللام والكاف والباء، فالكاف للتشبيه، واللام للمِلك، والباء للاتصال و اللّصوق» [إعراب ثلاثين سورةً لابن خالويه: ص5، القاهرة، 1941، سر صناعة الإعراب، لابن جنّي:120 - 122]
2 - وقد يُطلقون زيادة الحروف على ما يصل العاملَ بمعمولِه ولا يمنعه من ذلك، وإن كان المعنى لا يصحّ بدونِه، مثل "لا" في قولِه تعالى: "وحَسِبوا ألاّ تَكونَ فِتنةٌ"، فيسمّون هذا الحرفَ زائدا
3 - أمّا الزّيادة الاصطلاحيّة في حروف المعاني فهي أن يكون الحرفُ الواحدُ لمعنى مغاير لِما يُفيده من المعاني التي يتضمنها أصالةً أو استعارةً، فيصحّ التّركيبُ بوظائفه وعلاقاتِه من دون تدخّل ذلك الحرف، والسبب في هذا أن الحرف المذكور جاء ليفيد قوّةً للتّركيب، وليس المُرادُ أنّه لا معنى له أو أن دخولَه في الكلام كخروجه منه.
فالكاف مثلا معناها الأصليّ التّشبيه أو الخِطاب، وقد تستعير من اللامِ معنى السببية أو التعليل، ومن "على" معنى الاستعلاء، ومع ذلك فقد ترد لغير هذه المواضع، مثلما قال الشّاعر أوس بنُ حجرٍ:
وقَتْلى كَمِثْلِ جذوعِ النّخيلِ /// تَغَشّاهُم مُسبِلٌ مُنهمِرْ
فالكاف التي قد تفيد التشبيه، دخلت على مثل التي تفيده أصلا، ولذلك قال عنها النّحاة إنها جاءت لتوكيد التّشبيه، فأغنت عن تَكرار الجملة وأدّت وظيفةَ تحقيق المعنى، ومثلُه قولُه تعالى: "ليسَ كَمِثْلِه شيءٌ" (الشورى:11) زيدت لتوكيد نفيِ المِثْل، لأنّ زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانياً
وقيلَ: الكافُ في الآية غير زائدة وإنّما الزّائد "مثل" كما زيدت في قولِه تعالى: "فإن آمَنوا بِمثْلِ ما آمنْتُم بِه فقد اهتدَوْا" (البقرة: 137) [انظر: مغني اللبيب:237 - 238]
4 - أطال أبو عُبيدة في ذِكر الزّائد في كتابِه [مجاز القرآن] في معرض إيضاحه لبعض الآيات الكريمة، فضاق المفسّرون بذلك وأنكروا عليه صنيعَه، وذكر الرازي في معرض تفسيره لقوله تعالى: [إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقَها.] [البقرة:26]: " معاذ الله أن يكون في القرآن زيادة ولغو والأصح قول أبي مسلم لأن الله تعالى وصف القرآن بكونه هدى وبياناً وكونه لغواً ينافي ذلك "
¥