وصدور هذا من سلطان لعالم منقبة كبيرة له، وقد ذهب إِلى بغداد مع الركب العراقىّ بعد الحجّ، ونال برَّه وخيره.

ويليه الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[18 May 2009, 12:06 م]ـ

الحلقة الثانية

وقد رحل إِلى الهند، ووصل إِلى دِهْلى. وف العقد الثمين أَن دخوله لليمن من بلاد الهند، وقد دخل اليمن سنة 796، فيكون رحلته إِلى الهند، متَّصلة بهذا التاريخ، وكان هذا فى عهد السلطان سكندر شاه الأَول الذى ولى السلطان فى سنة 795، فإِن كان فى الهند قبل هذا التاريخ فإِنه يكون اتصل أَيضاً بالسلطان محمد شاه سلف هذا السلطان، وهما من بنى تغلق شاه.

وذهب إِلى بلاد الروم (الأَناضول) ولقى فيها حُظوة عند السلطان بايزيد بن مراد الذى ولى السلطنة سنة 791؛ ومات سنة 804، وكانت حاضرة ملكة بُرُسَّا، إِذ لم تكن القسطنطينيَّة قد فتحت بعد.

ووفد على تيمور لنك فى شيراز. ووصله تيمور بنحو مائة أَلف درهم. وقد تغلَّب تيمور على فارس والعراق وممكلة التتار، وقصد الشام وغلب عليها حيناً. وكان ظالماً غشوماً. ومع هذا كان يقرِّب العلماءَ والأَشراف وينزلهم منازلهم. وكان يجمع العلماء فى مجلسه ويأمرهم بالمناظرة ويسأَلهم ويعنِّتهم بالمسائل. وكانت وفاته سنة 807هـ.

ووفد على شاه شجاع بن محمد بن مظفَّر اليزدى صاحب عراق العجم الذى يعرف بالجبال. وفى الدرر الكامنة فى ترجمته: "وقد اشتغل بالعلم واشتهر بحسن الفهم ومحبَّة العلماءِ. وكان ينظم الشعر ويحبُّ الأُدباءَ، ويجيز على المدائح، وقُصد من البلاد. ويقال: إِنه كان يقرئ الكشاف وكتب منه نسخة بخطِّه الفائق، ورأَيت خطه وهو فى غاية الجودة ... وله أَشعار كثيرة بالفارسية" وكانت وفاته سنة 787. وفى الضوءِ أَن وفادته كانت على شاه منصور بن شاه شجاع هذا. وشاه منصور ليس ابن شاه شجاع بل هو ابن أَخيه، كما يتبين من معجم الأَنساب والأُسرات الحاكمة ص 379، فالرواية الأُولى أَثبت وهى رواية ابن حجر العسقلانى.

النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق) ضمن العنوان (مكانة المجد العلمية والثقافية)

كان المجد واسع المعرفة، كثير الاستحضار للمستحسَن من الشعر والْحكايات، وقد أَعانه على ذلك قوَّة حفظه، وكان ذلك من أَسباب سعادته عند الملوك والأُمراءِ. وكان يحسن اللسان الفارسىّ إِذ نشأَ فى بلاد فارس، وكان ينظم الشعر فى هذا اللسان، كما كان ينظم الشعر العربىّ. ومن شعره الذى مال فيه إِلى التجنيس قوله:

*أَحبتنا الأَماجد إِن رحلتم * ولم ترعَوا لنا عهدا وإِلاَّ*

*نودِّعْكم ونودعْكم قلوباً * لعلَّ الله يجمعنا، وإِلاَّ*

فقوله::إِلا" فى آخر البيت الأَول يريد به الحرمة والذِّمام، وقوله: "إِلاَّ" فى آخر البيت الثانى مركَّبة من إِن الشرطية ولا النافية، وفعل الشرط محذوف، أَى: وإِلا ترحلوا تمتعنا ببقائكم. ويحتمل أَن يكون المراد: وإِلاَّ يجمعنا الله أَضرّ بنا الوجدُ، أَو نحو ذلك. ويقول الفاسىُّ فى العقد الثمين: "وسمعت من ينتقد عليه قوله فى آخر البيت الثانى: (وإِلا) بما حاصله: أَنه لم يتقدَّم له ما يوطِّئ له وأَن مثل هذا لا يحسن إِلا مع تقديم توطئة للمقصود".

وقد ساعده على سعة ثقافته كثرة كتبه "حتى نقل الجمال الخيَّاط أَنه سمع الناصر أَحمد بن إِماعيل يقول: إِنه سمعه يقول: اشتريت بخمسين أَلف مثقال ذهباً كتباً. وكان لا يسافر إِلاَّ وصحبته منها عدَّة أَحمال، ويخرج أَكثرها فى كل منزلة فينظر فيها ثم يعيدها إِذا ارتحل". ويذكِّرنا هذا بالصاحب إِماعيل بن عبَّاد، فقد ذكر عنه أَنه كان يحتاج فى نقل كتبه إِلى أَربعمائة جمل. على أَنه قد يمدّ يده إِلى كتبه فيبيع منها، فقد ذكروا عنه أَنه كان مسرِفاً، وكان مع كثرة ثروته يمحقها بالإِسراف.

وقد علمت مما مرَّ بك ميل المجد إِلى علوم الرواية، وتَطوافه فى البلاد للأَخذ عن علمائها، فكانت له مشيخة كثيرة، وقد كتب جمال الدين محمد بن موسى المراكشى المكىُّ كتابا ذكر فيه مشيخته، على عادة العلماءِ فى ذلك العهد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015