ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[04 Feb 2010, 06:44 م]ـ

أحبتي في الله بارك الله تعالى بكم ... واسمحوا لي أن أنقل لكم بعضاً من حوار أجرته مجلة الفرقان الأردنية مع شيخنا وأستاذنا الدكتور عدنان محمد زرزور- حفظه الله - أنقل منه ما يتعلق بالموضوع فقط في هذا المكان ... وآثرت أن أنقل كلامه بدلاً مما وقر في ذهني سماعاً منه أيام تلقينا عنه في جامعة دمشق أو مما هو موجود في بعض كتبه حول الموضوع لأنه الأحدث زمناً والأيسر عرضاً ... علها تعزز بعضاً مما سطرتموه أو تضفي على بعض جوانبه شيئاً من البيان

((قضية الإعجاز العلمي))

الفرقان: ثمة جدل في قضية الإعجاز العلمي في القرآن وخلاف حول التسمية والمضمون، ولقد بحثتم في هذا الموضوع. نرجو منكم جلاء هذا الأمر.

أ. د. زرزور: أتت فكرة الإعجاز العلمي من أن القرآن أشار إلى مجموعة من الحقائق المتصلة ببناء الكون وبعلوم خلق الإنسان والنبات والبحار والجنين وغير ذلك، وأن تفسير الآيات التي حملت هذه الإشارات بما انتهى إليه العلم الحديث يسمى إعجازاً. أنا لا أسميه إعجازاً إطلاقاً، لأن الإعجاز أساساً هو ثمرة التحدي كما يقول العلماء القدامى {فأتوا بعشر سور مثله مفتريات}، فعجزوا فثبت أن القرآن معجز. كما أن الحقائق العلمية التي تضمنها القرآن في آيات عدة إنما جاءت في سياق الاستدلال على الله تعالى لا في سياق التحدي أساساً. فمثلاً: آيات الطبيعة والإنسان وردت في سياقين: سياق الانتفاع والتسخير، وسياق التأمل والتدبر والانتقال من المخلوق إلى الخالق بمعنى الدلالة على الصنعة الإلهية.

أنا أريد أن أفرّق بين ثلاثة مصطلحات: إعجاز القرآن، والتفسير العلمي للقرآن، والمنهج العلمي في القرآن. فإعجاز القرآن هو القضية الأساسية القديمة التاريخية، التي كتب فيها العلماء وتداولوا فيها وكُتبت فيها نظريات كثيرة أبرزها نظرية (النظم) لعبد القاهر الجرجاني في القرن الخامس الهجري وما زال الناس حتى الآن يقتبسون من نوره أو يسرجون مصابيحهم من زيته، لأن كلامه في غاية العمق، وهو قدّم النظرية الهيكلية لإعجاز القرآن إن صح التعبير، ثم جاء على هذا المنوال من بعده الرافعي وسيد قطب وآخرون.

أما التفسير العلمي للقرآن فمعناه الانتفاع بحقائق العلم التجريبي في شرح الآيات، مثل: {يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل} أو خلق الجنين أو غير ذلك. وفي هذا التفسير قد نضلّ أو نخطئ، أو قد يتبين لنا فيما بعد أنّ كلامنا حول ذلك غير صحيح ولذلك لا يمكن أن يقال عنه إنه إعجاز. دعنا نقول إن (موريس بوكاي) هو أصح ذهناً من كثير من المسلمين المعاصرين. وهنا أشير إلى أن (مراد هوفمان) نصّ في كتابه (الإسلام كبديل) على أن بوكاي أسلم، وهو أمر تؤيده بعض أفكاره في كتبه وبالذات كتابه: ما الإنسان؟ - يقول بوكاي: لا يمكن إدراك هذه الحقائق العلمية خارج النص العربي أي خارج القرآن باللغة التي نزل بها التي يسمى معها قرآناً، لأن الترجمة لا تسمى قرآناً، يريد القول إن الترجمة ستضيّع المعاني. ويقول: أنا لا أريد المجازفة، لا يفسَّر القرآن بأية نظرية إنما يفسَّر بالفعل القائم الواقع. فمثلاً: دوران الأرض حول الشمس فعل واقع وليس نظرية، لكن المدار الذي تدور فيه نظرية، وقد تأتي نظرية فتحدد المدار بشكل أفضل. وهذا تنزيه للنص القرآني عن أن يكون كلاماً في الطب أو الفلك أو الرياضيات أو غير ذلك.

ما أريد قوله: إن هذه الحقائق أو الأدلة العلمية تصب في خانة أن القرآن وحي يوحى. لكن هل هذه الأدلة تسمى إعجازاً؟ لا، إنها تدل على أن القرآن من كلام الله مثله في ذلك مثل التوراة والإنجيل قبل أن يدخلهما التحريف. لكن القرآن ينفرد عنهما بوصف آخر، وهو أن هذا الوحي معجز، فالإعجاز وصف زائد على كونه وحياً، ومن ثم فالأدلة التي يسوقها الباحثون في الإعجاز العلمي على أن القرآن وحي لا تدخل في باب الاستدلال على أن القرآن معجز.

الفرقان: الدكتور زغلول النجار لا يتكلم في الإعجاز من باب التحدي، وإنما من باب الاستدلال على أن هذا القرآن من عند الله.

أ. د. زرزور: نعم هذا لا بأس به، لكن يجب أن يتم إخراجه من باب المصطلحات.

الفرقان: ولماذا يحدث خلط في هذا الموضوع إذن؟

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015