وحذفت في قوله تعالى: (وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) الأنبياء.

الحذف في تهديد إبراهيم عليه السلام لأصنامهم بعد تركهم لها، لقطع وجودها وعبادتهم لها، فهو تهديد ممن لا يؤمن بها ولا يعظهما، وبينه وبينها قطيعة؛ فاختلف الموقف ... فسقطت ألفها في هذا الموضع الوحيد.

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الرابعة والعشرون

حذف وإثبات ألف شعائر

وردت "شعائر" أربع مرات؛ ثبتت الألف في واحدة منها، وحذفت في الثلاثة الباقية؛

في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا ءآمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا (2) المائدة.

وفي قوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) الحج.

وفي قوله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ (36) الحج.

شعائر الله هي المناسك الدائمة التي نسكها الله تعالى لعبادة، والحديث عنها يختلف من موضع لآخر؛ فإن كان الحديث عن وجودها وثباتها فقط؛ فإن ألفها تسقط.

ففي الموضع الأول: طلب بعدم التحلل من شعائر الله؛ (لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ).

وفي الموضع الثاني: طلب التعظيم لشعائر الله؛ (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ).

وفي الموضع الثالث: بيان بأن البدن من شعائر الله المعلومة؛ (وَالْبُدْنَ ... مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ).

وإن كان الحديث عن الشعائر؛ في وجوب القيام بها المتعلقة بها، والاستمرار عليها في زمن ممتد في المستقبل؛ فتثبت عند ذلك ألفها كما هو الحال؛

في قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة.

فالطواف بالصفا والمروة دائم ومستمر مع كل أداء لمناسك الحج والعمرة.

و"شاعر" من مادة "شعر" التي منها "شعائر"، وقد ورد أربع مرات بصيغة المفرد؛

في قوله تعالى: (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5) الأنبياء.

وفي قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا ءَاَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) الصافات.

وفي قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) الطور.

وفي قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ (41) الحاقة.

الشعراء معظمون عند العرب، مقرين لهم بقدرتهم على العطاء بهذا النوع من البيان؛ بما يأتوا به من معان وتراكيب جديدة غير مسبوقة.

وكان وصف النبي عليه الصلاة والسلام بالشاعر؛ على أنه مقتدر على الإتيان بالبيان الجديد المبتكر؛

ففي الموضع الأول: أرادوا الإتيان بآية بدلا من القول الذي لا قبل لهم بمثله.

وفي الموضع الثاني: وأن قدرته شطت به إلى درجة وصفه بالجنون ليأمرهم بترك آلهتهم.

وفي الموضع الثالث: ليس عندهم طريقة لوقف إلا انتظار موته عليه الصلاة والسلام.

وفي الموضع الرابع: نفي من الله تعالى وصفهم الكاذب بأنه عليه الصلاة والسلام شاعرًا.

وعلى الوصف بالقدرة المستمر والنفي لصفة على أنها قائمة كان حذف ألف شاعر.

ولنفس امتداد الصفة في الشاعر، فإنها ألف "الشعراء" بصيغة الجمع تثبت كذلك؛

في قوله تعالى: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) الشعراء.

ومن نفس المادة اللغوية "أشعار" جمع "شَعَر"؛ وجاءت في موضع يعتنى بها بعد القطع والجز لها؛ بصناعة الأثاث، والمتاع منها، ومما ذكر معها من الأصواف والأوبار؛

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015