وتطهرت النفوس والأخلاق , وزكت القلوب والأرواح ;

دون أن يحتاج الأمر إلى الحدود والتعازير التي شرعها الله - إلا في الندرة النادرة –

لأن الرقابة قامت هنالك في الضمائر ; ولأن الطمع في رضى الله وثوابه ,

والحياء والخوف من غضبه وعقابه قد قامت كلها مقام الرقابة ومقام العقوبات. .

وارتفعت البشرية في نظامها , وفي أخلاقها , وفي حياتها كلها ,

إلى القمة السامقة التي لم ترتفع إليها من قبل قط ; والتي لم ترتفع إليها من بعد إلا في ظل الإسلام. .

ولقد تم هذا كله لأن الذين أقاموا هذا الدين في صورة دولة ونظام وشرائع وأحكام ;

كانوا قد أقاموا هذا الدين من قبل في ضمائرهم وفي حياتهم ,

في صورة عقيدة وخلق وعبادة وسلوك.

وكانوا قد وعدوا على إقامة هذا الدين وعدا واحدا ,

لا يدخل فيه الغلب والسلطان. . ولا حتى لهذا الدين على أيديهم. .

وعدا واحدا لا يتعلق بشيء في هذه الدنيا. .

وعدا واحدا هو الجنة. .

هذا كل ما وعدوه على الجهاد المضني , والابتلاء الشاق , والمضي في الدعوة ,

ومواجهة الجاهلية بالأمر الذي يكرهه أصحاب السلطان , في كل زمان وفي كل مكان ,

وهو: "لا إله إلا الله"!

فلما أن ابتلاهم الله فصبروا ;

ولما أن فرغت نفوسهم من حظ نفوسهم ;

ولما أن علم الله منهم أنهم لا ينتظرون جزاء في هذه الأرض

- كائنا ما كان هذا الجزاء ولو كان هو انتصار هذه الدعوة على أيديهم , وقيام هذا الدين في الأرض بجهدهم –

ولما لم يعد في نفوسهم اعتزاز بجنس ولا قوم ,

ولا اعتزاز بوطن ولا أرض.

ولا اعتزاز بعشيرة ولا بيت. .

لما أن علم الله منهم ذلك كله ,

علم أنهم قد أصبحوا - إذن - أمناء على هذه الأمانة الكبرى.

أمناء على العقيدة التي يتفرد فيها الله سبحانه بالحاكمية في القلوب والضمائر وفي السلوك والشعائر ,

وفي الأرواح والأموال , وفي الأوضاع والأحوال. .

وأمناء على السلطان الذي يوضع في أيديهم ليقوموا به على شريعة الله ينفذونها , وعلى عدل الله يقيمونه ,

دون أن يكون لهم من ذلك السلطان شيء لأنفسهم ولا لعشيرتهم ولا لقومهم ولالجنسهم ;

إنما يكون السلطان الذي في أيديهم لله ولدينه وشريعته ,

لأنهم يعلمون أنه من الله , هو الذي آتاهم إياه.

ولم يكن شيء من هذا المنهج المبارك ليتحقق على هذا المستوى الرفيع , إلا أن تبدأ الدعوة ذلك البدء ,

وإلا أن ترفع الدعوة هذه الراية وحدها. . راية لا إله إلا الله. . ولا ترفع معها سواها. .

وإلا أن تسلك الدعوة هذا الطريق الوعر الشاق في ظاهره ;

المبارك الميسر في حقيقته.

وما كان هذا المنهج المبارك ليخلص لله ,

لو أن الدعوة بدأت خطواتها الأولى دعوة قومية , أو دعوة اجتماعية , أو دعوة أخلاقية. .

أو رفعت أي شعار إلى جانب شعارها الواحد:

"لا إله إلا الله". .

يتبع بإذن الله تعالى

ـ[ صلى الله عليه وسلمmara] ــــــــ[27 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 07:32 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

و صلى الله عليه و سلم تسليما

أخي الحبيب جزاك الله خيرا

قد أبدعت .. وفقك الله ..

غير أني اريد أن انبهك إلى شيء هو عن قولك:

كان باستطاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يعلنها دعوة قومية أو اجتماعية .. ولكن .. !

أو كان باستطاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يعلنها دعوة إصلاحية أخلاقية .. ولكن .. !

فربما يذهب إلى الذهن أنه هو من اختار ذلك .. و الله هو الذي اختار ذلك ..

فهو لم يكن باستطاعته تغيير شيء مما اختاره الله تعالى و إلا فما بلغ رسالته .. ربما الأوفق هنا أن نسأل:

مالحكمة في أن الله لم يأمره بذلك؟

و الله تعالى أعلم

و رب شيء فهمته أنت غاب عن ذهني أنا فنبهني

و جزاك الله خيرا

على ما كتبت أخي الكريم و زادك الله في علمك

يغفر الله لي و لكم

ـ[شاكر]ــــــــ[27 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 10:19 م]ـ

حياك الله أخانا الفاضل،

ما تفضلت به صحيح ولكن بسبب ضيق خانة العنوان فإنها لا تتسع لتكملة العبارة فاكتفيت بكلمة (ولكن .. )

أما تكملتها وتوضيحها فقد تكرر في السياق نفسه:

فلم كانت هذه نقطة البدء في هذه الدعوة؟ ولم اقتضت حكمة الله أن تبدأ بكل هذا العناء؟

ولكن الله - سبحانه - وهو العليم الحكيم , لم يوجه رسوله [صلى الله عليه وسلم] هذا التوجيه!

إنما وجهه إلى أن يصدع بلا إله إلا الله: وأن يحتمل هو والقلة التي تستجيب له كل هذا العناء!

ولكن الله - سبحانه - وهو العليم الحكيم , لم يوجه رسوله [صلى الله عليه وسلم] إلى مثل هذا الطريق. .

لقد كان الله - سبحانه - يعلم أن ليس هذا هو الطريق!

ثانيا:

جزاك الله خيرا على حسن ظنك بأخيك ولكني ناقل فقط للموضوع، وسيتم وضع المصدر في نهايته إن شاء الله تعالى.

فرحم الله صاحبه وجزاه عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

ـ[خلوصي]ــــــــ[28 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 09:44 ص]ـ

ما أحوجنا إلى تبين طبيعة المنهج القرآني ... فبارك الله فيكم أستاذنا الفاضل.

ـ[شاكر]ــــــــ[29 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 02:30 م]ـ

وبكم بارك الله تعالى

وجزاك خيرا على المتابعة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015