8 ـ من أخذ بالعدل كان حرياً بالهداية؛ لمفهوم المخالفة في قوله تعالى: (والله لا يهدي القوم الظالمين)؛ فإذا كان الظالم لا يهديه الله، فصاحب العدل حري بأن يهديه الله عز وجل؛ فإن الإنسان الذي يريد الحق ويتبع الحق ـ والحق هو العدل ـ غالباً يُهدى، ويوفق للهداية؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية عبارة من أحسن العبارات؛ قال: (من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له طريق الحق)؛ وهذه كلمة مأخوذة من القرآن منطوقاً، ومفهوماً. ص286.

9 ـ قوله تعالى (مائة) فيها ألف بين الميم والهمزة؛ والميم مكسورة، والألف عليها دائرة إشارة إلى أن الألف هذه تكتب، ولا ينطق بها؛ وبهذا نعرف خطأ من ينطقون بها: (مَائة) بميم مفتوحة؛ ومن قرأ بها في القرآن فقد لحن لحناً يجب عليه أن يعدله؛ وبعض الكتاب المعاصرين يكتبها بدون ألف كـ (فئة) يعني: ميم، وهمزة، وتاء، وهذا أحسن إلا في رسم المصحف فيتبع الرسم العثماني. ص289.

10 ـ ذكر العلماء أن اليقين ثلاث درجات: علم، وعين، وحق؛ وكلها موجودة في القرآن؛ علم اليقين قوله تعالى: (كلا لو تعلمون علم اليقين)، ومثال عين اليقين قوله تعالى: (ثم لترونها عين اليقين) ومثال حق اليقين قوله تعالى: (إن هذا لهو حق اليقين)؛ نضرب مثالاً يوضح الأمر: قلتُ: إن معي تفاحة حلوة ـ وأنا عندك ثقة؛ فهذا علم اليقين: فإنك علمت الآن أن معي تفاحة حلوة؛ فأخرجتها من جيبي، وقلت: هذه التفاحة؛ فهذا عين اليقين؛ ثم أعطيتك إياها، وأكلتَها وإذا هي حلوة؛ هذا حق اليقين. ص303 ـ 304.

11 ـ إن قال قائل: عندي مال محرم لكسبه، وأريد أن أتصدق به فهل ينفعني ذلك؟

فالجواب: إن أنفقه للتقرب إلى الله به: لم ينفعه، ولم يسلم من وزر الكسب الخبيث؛ والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)؛ وإن أراد بالصدقة التخلص منه، والبراءة من إثمه: نفعه بالسلامة من إثمه، وصار له أجر التوبة منه لا أجر الصدقة.

ولو قال قائل: عندي مال اكتسبته من ربا فهل يصح أن أبني به مسجداً، وتصح الصلاة فيه؟

فالجواب: بالنسبة لصحة الصلاة في هذا المسجد هي صحيحة بكل حال؛ وبالنسبة لثواب بناء المسجد: إن قصد التقرب إلى الله بذلك لم يقبل منه، ولم يسلم من إثمه؛ وإن قصد التخلص سلم من الإثم، وأثيب ـ لا ثواب باني المسجد ـ ولكن ثواب التائب. ص328.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[15 Oct 2009, 01:02 م]ـ

12 ـ إن قال قائل كيف يزيد الله تعالى المنفق فضلاً ونحن نشاهد أن الإنفاق ينقص المال حساً؛ فإذا أنفق الإنسان من العشرة درهماً صارت تسعة؛ فما وجه الزيادة؟

أما بالنسبة لزيادة الأجر في الآخرة فالأمر ظاهر فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة؛ ومن تصدق بما يعادل تمرة من طيب ـ ولا يقبل الله إلا الطيب ـ فإن الله يربيها له حتى تكون مثل الجبل، وأما بالنسبة للزيادة الحسية في الدنيا فمن عدة أوجه:

الوجه الأول: أن الله قد يفتح للإنسان باب رزق لم يخطر له على بال فيزداد ماله.

الوجه الثاني: أن هذا المال ربما يقيه الله سبحانه وتعالى آفات لولا الصدقة لوقعت فيه؛ وهذا مشاهد فالإنفاق يقي المال الآفات.

الوجه الثالث: البركة في الإنفاق بحيث ينفق القليل، وتكون ثمرته أكثر من الكثير؛ وإذا نُزعت البركة من الإنفاق فقد ينفق الإنسان شيئاً كثيراً في أمور لا تنفعه؛ أو تضره وهذا شيء مشاهد. ص349.

13 ـ بعض الأعمال تكون أفضل من بعض، وتفاضل الأعمال يكون بأسباب:

أ. منها التفاضل في الجنس، كالصلاة ـ مثلاً ـ أفضل من الزكاة، وما دونها.

ب. التفاضل في النوع؛ فالواجب من الجنس أفضل من التطوع لقوله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه).

ج. التفاضل باعتبار العامل لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.

د. التفاضل باعتبار الزمان، كقوله صلى الله عليه وسلم في العشر الأول من ذي الحجة: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)، وكقوله تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر).

هـ. التفاضل بحسب المكان، كفضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره.

و. التفاضل بحسب جودة العمل وإتقانه، كقوله صلى الله عليه وسلم: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران).

ز. التفاضل بحسب الكيفية، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه). ص358 ـ 360.

14 ـ قال تعالى:

(يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل)

هذه الآية الكريمة أطول آية في كتاب الله؛ وهي في المعاملات بين الخلق؛ وأقصر آية في كتاب الله قوله تعالى: (ثم نظر) لأنها ستة أحرف؛ وأجمع آية للحروف الهجائية كلها آيتان في القرآن فقط؛ إحداهما: قوله تعالى: (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً) {آل عمران: 154} والثانية قوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه) {الفتح: 29} فقد اشتملت كل واحدة منهما على جميع الحروف الهجائية. ص402 ـ 403.

هذا بحمد الله ما تيسر إيراده من فوائد هذه السورة العظيمة، ويليها بإذن الله فوائد من تفسير الشيخ رحمه الله لسورة آل عمران.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015