وما خلق منه الإنسان أكثر من شيء؛ فجزء نزع من صلب الأب، وجزء نزع من ترائب الأم، فاجتمع هذان المنزوعان ليكونا وحدة كاملة مندمجة، فكان حذف صورة النون علامة لاتحاد هذين الجزأين من الصلب والترائب، وكان في حذف الألف علامة لهذا الاندماج والتداخل بينهما، واختفاء تفاصيل ما تكون منهما، وكان في تولد الميم المشددة علامة لشدة الاتحاد والاندماج من هذين الجزأين.

لقد كان في هذا الحذف والوصل والإدغام؛ صورة في الرسم للواقع الذي جرى الحديث عنه في الآية.

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الخامسة والثلاثون: وصل كأنَّمَا

وردت "كأنَّما" في القرآن؛ (6) مرات في (5) آيات؛

في قوله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَاءِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا (32) المائدة.

وفي قوله تعالى: (فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ (125) الأنعام.

وفي قوله تعالى: (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) الأنفال.

وفي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنْ الَّيْلِ مُظْلِمًا (27) يونس.

وفي قوله تعالى: (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) الحج.

كأنَّما مكونة من حرف النصب والنسخ؛ "كأنَّ"، ومن "مَا" الكافة، التي كفت "كأنَّ" عن عملها، وهيئتها للدخول على الأفعال كما هو الحاصل في جميع المواضع التي ذكرت فيها.

وهذا يدل على قوة تأثير "ما" على عمل "كأنَّ، وهذا يدل على شدة الاتصال بها حتى كان لها هذا التأثير؛ لذلك رسما كلمة واحدة موصولة.

واستعمال "كأنََّ" يؤثر في المبتدأ فينصبه، ويبقي الخبر على رفعه، واستعمال "ما" هو للعموم، والغموض والإبهام؛ فتتساوى الأشياء فيها، فدخول "ما" على "كأنَّ" يلغي تأثيرها في المبتدأ دون الخبر، فيلغي عملها في النصب، ويلغي اختصاها بالأسماء فقط دون الأفعال، فيهيئها للدخول على الأفعال كذلك، وهذا هو سر تأثيرها.

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة السادسة والثلاثون: وصل مهما

وردت "مهما" مرة واحدة في القرآن الكريم؛

في قوله تعالى: (وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ ءايَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) الأعراف

وهي مكونة من كلمتين (مَهْ – مَا)

مهما اسم شرط لغير العاقل، يجزم فعلين مضارعين، الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه.

وهو اسم موغل في الإبهام، قيل بأن "مَهْمَا" مكونة من: "مَهْ" و"مَا"، وعلى ذلك كان استعمالها لغير العاقل من استعمال "مَا"، و"مَهْ" تعني صه أي اسكت.

وقد ظهر ذلك جليًا في استعمالها في الآية؛ فهم يريدون بقولها التوقف عن الإتيان بالآيات؛ لأنهم مصرين على عدم الإيمان بها.

"مَهْ" مكونة من حرفين؛ الميم للإحاطة والغلبة، وهاء لانتهاء.

ففي معنى الأمر بـ"مَهْ"؛ أي اسكت؛ إحاطة المخاطب وغلبته بمنعه من الكلام، وإنهاء دائم له عن الكلام.

وقيل أصلها من: "مَا" و"مَا"؛ قلبت الألف الأولى إلى هاء، ومع وصلهما صارا كلمة واحدة هي: "مَهْمَا"، فعلى اعتبار أنها موغلة في الإبهام؛ جاء من مضاعفة "مَا" الموغلة في الإبهام الذي أدى مضاعفة ذلك فيها، وأظنه زعم بعيد التأويل.

ولعدها في الأصل كلمتان؛ ضمت "مَهْمَا" لقائمة الكلمات التي وصلت في الرسم القرآني؛ لأن "مَهْ" تصلح أن تكون كلمة لوحدها، و"مَا" كلمة أخرى.

ووجه الوصل بين الكلمتين أن هذا الشرط فيه رفض موصول منهم بكل الآيات بلا استثناء.

أبو مُسْلِم / عبْد المَجِيد العَرَابْلِي

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[15 Mar 2009, 10:17 ص]ـ

باركك الله أخي أبا مسلم وأعانك وجزاك الخير الكثير

وننتظر منك المزيد والمزيد من الأبحاث.

ـ[العرابلي]ــــــــ[15 Mar 2009, 01:07 م]ـ

باركك الله أخي أبا مسلم وأعانك وجزاك الخير الكثير

وننتظر منك المزيد والمزيد من الأبحاث.

وبارك الله فيك يا أخي الكريم

وجزاك الله بكل خير

وزادك الله من علمه وفضله

ـ[خادمة القرآن]ــــــــ[15 Mar 2009, 03:46 م]ـ

جهد مبارك وبحث منظم ومفيد.

إذا تسمح لي أن أطبعه وأعطيه تلخيصا للمعلمات اللواتي أدرسهن.

وجزاك الله خيرا.

ـ[العرابلي]ــــــــ[15 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 06:32 م]ـ

جهد مبارك وبحث منظم ومفيد.

إذا تسمح لي أن أطبعه وأعطيه تلخيصا للمعلمات اللواتي أدرسهن.

وجزاك الله خيرا.

بارك الله فيك وأحسن الله إليك

وجزاك الله بكل خير وفضل

أرجو مراعات التصويبات

وكتابة أي ملاحظات تجدينها

والنسخة المدققة أكثر تجدينها على هذا الرابط

http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=42434

طور بواسطة نورين ميديا © 2015